للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فكان يريد أن يؤدي واجبه في الجهاد الأصغر محارباً، بعد أن أدى واجبه في الجهاد الأكبر متعلماً وعالماً وقاضياً ومفتياً.

وحين رأى زيادة الله إصرار أسد على الخروج مجاهداً في سبيل الله، أمَّره على تلك الغزوة، وعزم عليه في ذلك، فقال أسد: "أصلح الله الأمير ... من بعد القضاء والنظر في حلال الله تعالى وحرامه، تعزلني وتوليني الإمارة؟ ... "، فقال زيادة الله: "إني لم أعزلك عن القضاء، بل ولّيتك الإمارة، وهي أشرف من القضاء، وأبقيت لك اسم القضاء، فأنت قاضٍ أمير"، فخرج أسد على ذلك، ولم تجتمع الإمارة والقضاء ببلد في (إفريقية) إلا لأسد وحده (١).

د) كان خروج أسد إلى (صقلية) من (سوسة) (٢) يوم السبت النصف من شهر ربيع الأول، سنة اثنتي عشرة ومئتين الهجرية (٣) (١٤ حزيران - يونيو - سنة ٨٢٧ م) (٤) وكان معه في جيشه عشرة آلاف رجل - منهم ألف فارس (٥)، حملتهم مئة سفينة (٦) وخرج لتوديع أسد وجيشه وجوه أهل العلم وجماعة الناس، وقد أمر زيادة الله ألا يبقى أحد من رجاله إلا شَيَّعَه (٧)؛ وقد صهلت الخيل، وضربت الطبول،


(١) رياض النفوس ١/ ١٨٧.
(٢) سوسة: بلدة بالمغرب على البحر الأبيض المتوسط؛ انظر التفاصيل في معجم البلدان ٥/ ١٧٣، وهي ميناء في تونس.
(٣) النويري في المكتبة ٤٢٨؛ وانظر: الحلة السيراء ٢/ ٣٨١.
(٤) المسلمون في صقلية ٩.
(٥) تاريخ قضاة الأندلس ٥٤؛ وفي النويري في المكتبة ٤٢٨: "أن الفرسان كانوا سبعمئة فارس"؛ أما في الحلة السيراء ٢/ ٣٨١ فقد جاء: "أن الفرسان كانوا تسعمئة".
(٦) النويري في المكتبة ٤٢٨.
(٧) رياض النفوس ١/ ١٨٨؛ ومعالم الإيمان ٢/ ١٥؛ وانظر تاريخ قضاة الأندلس ٥٤.

<<  <   >  >>