للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وخفقت البنود، فقال أسد: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له ... يا معشر الناس ... ما بلغت ما ترون إلا بالأقلام، فأجهدوا أنفسكم فيها، وثابروا على تدوين العلم، تنالوا به الدنيا والآخرة" (١).

هـ) وتحرك أسد على رأس جيشه إلى هدفه (صقلية)، وفي طريقه فتح جزيرة (قوصرة) (٢) الصغيرة (٣) ويبدو أن فتحها كان صلحاً، لأن المسلمين وصلوا إلى ساحل (صقلية) يوم الثلاثاء الثامن عشر من شهر ربيع الأول سنة اثنتي عشرة ومئتين الهجرية (٤) (١٧ حزيران سنة ٨٢٧ م) (٥)، أي بعد أربعة أيام من إقلاعهم من ميناء (سوسة)، بينما


(١) تاريخ قضاة الأندلس ٥٤؛ ومعالم الإيمان ٢/ ١٥؛ ورياض النفوس ١/ ١٨٨.
(٢) انظر: مقدمة ابن خلدون ٢٥٣، وقد ذكر الأستاذ محمد عبد الله عنان في كتابه: تراجم إسلامية ١٣٢ ما يلي: "وهناك ما يدل على أنه - أي أسد بن الفرات - نُدِبَ لقيادة البحر قبل ذلك - أي قبل توجّهه لفتح (صقلية)، وأنه قام في هذه المياه بغزوات بحرية سابقة. فقد ذكر لنا ابن خلدون: أن أسداً شيخ الفتيا، فتح (قوصرة) أيام زيادة الله الأغلبي".
ومن الواضح أن أسد بن الفرات، لم يُندَب لقيادة الجيوش قبل هذه الغزوة، إذ لا يوجد نص يؤيد ما ذهب إليه الأستاذ عنان، كما أن (قوصرة) لا يمكن فتحها مع بقاء (صقلية) بيد العدو، لأن حاميتها من المسلمين يبقون مهدَّدين دوماً بالغزو من قواعد العدو القريبة -وعلى رأسها صقلية- التي هي في البحر الأبيض المتوسط.
ومن الواضح أيضاً، أن أسداً فتح (قوصرة) في طريقه إلى فتح (صقلية)، لأنها تقع في طريقه إليها، ولأنها الخط الدفاعي المتقدم عن (صقلية)، فلا بد من فتحها أولاً قبل فتح (صقلية)، والوثوب منها إلى (صقلية)، وبذلك يجعلها نقطة ارتكاز متقدمة، وهذا ما حدث حقاً.
(٣) في معجم البلدان ٧/ ١٨٣: "أن المسلمين فتحوا (قوصرة) في أيام معاوية بن أبي سفيان"، والظاهر أن الروم استعادوها من المسلمين، لانقطاعها عن قواعد المسلمين في (إفريقية) أولاً، ولأنها تحيط بها قواعد الروم في البحر الأبيض ثانياً. وقد فتحها أسد ثانية. والمرجَّح أن فتحها أيام معاوية بن أبي سفيان، كان (غارة) لا (فتحاً).
(٤) النويري في المكتبة ٤٢٨.
(٥) المسلمون في صقلية ٩.

<<  <   >  >>