للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما كان أبو بكر الصدِّيق - رضي الله عنه - هو الذي حارب المرتدّين وأعاد الوحدة العربية تحت لواء الإسلام في الجزيرة العربية، وبدأ معارك الفتح الإسلامي العظيم، وبذلك مهَّد السبيل لعمر بن الخطَّاب، فكان عمر حسنةً من حسنات أبي بكر، كما كان صلاح الدين حسنةً من حسنات نور الدين محمود الشهيد. وحسبنا أنَّ هؤلاء القادة كانوا يعملون لإعلاء كلمة الله لا لأمجاد شخصيَّة ومطامع ذاتية، وما أعظم دعاء نور الدين الشهيد في أعقاب كل صلاة: "اللهمَّ انصر المسلمين، ولا تنصر عبدك نور الدين"، ممَّا يدلُّ على أنَّه كان يعمل لله وحده لا لنفسه، وللمسلمين لا لذاته.

ولد صلاح الدين الأيوبيّ سنة اثنتين وثلاثين وخمسمئة الهجرية (١١٣٧م)، بقلعة (تكريت) (١)، وكان أبوه والياً عليها (٢).

وانتقل أبوه أيوب بن شاذي يوم ولادة صلاح الدين إلى مدينة (الموصل) ومعه ولده، واستقرَّ هناك في رعاية عماد الدين زنكي صاحب (الموصل)، وعمل وأخوه أسد الدين شيركوه في جيش صاحب الموصل وحضرا عدَّة معارك وبرهنا على مقدرةٍ فائقةٍ في القتال (٣).

ولمَّا استولى عماد الدين زنكي سنة أربع وثلاثين وخمسمئة


(١) تكريت: مدينة على دجلة، تقع جنوب بغداد بين بغداد والموصل، وهي إلى بغداد أقرب، وأبنيتها غرب دجلة على ضفة النهر، وأهم معالمها القلعة التي لا تزال آثارها باقية حتى اليوم.
(٢) النوادر السلطانية ٦، وأبو الفدا ٣/ ٨٦.
(٣) حياة صلاح الدين ٦١.

<<  <   >  >>