للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن يُعدَّ لها إعداداً كاملاً، فأرسل إلى قادته في مصر والشام والجزيرة، يستنفر القادرين منهم على حمل السلاح من المجاهدين والقوات النظامية للجهاد.

وفي أواخر شهر محرم الحرام من سنة ثلاث وثمانين وخمسمئة الهجرية (نيسان - إبريل سنة ١١٨٧م) خرج على رأس قواته من دمشق، وسار إلى (بصرى) (١) ليحمي منها طريق عودة الحُجَّاج من بيت الله الحرام، إذ بلغه أن (رينو دي شاتيون) أمير (الكرك) الذي تسميه المصادر العربية (أرناط) ينوي الفتك بهم. وكان هذا الأمير الإفرنجي من أشدّ الأمراء الصليبيين تعصُّباً وغدراً، وكان قد فتك بالحجاج سابقاً بحملة برية وبحرية خلافاً لعهوده ومواثيقه، حتى إن صلاح الدين أقسم بأنه إن ظفر بهذا الأمير الغادر، فإنه سيقتله بيده. ولما انتهى عَوْد الحُجَّاج، سار صلاح الدين إلى (الكرك) و (الشوبك) (٢) وعاث في أنحائهما. ووافقته جيوش مصر بقيادة أخيه العادل قادمة من طريق (أيلة) (٣)، وكانت قوات الشام والجزيرة تتلاحق في تلك الأثناء وتتحشَّد في دمشق تحت قيادة الملك الأفضل ولد صلاح الدين.

وسارت من جيوش دمشق حملة قوية إلى ثغر (عكا) لاقتحامه


(١) بصرى: مدينة أثرية قديمة من أعمال دمشق، وهي قصبة حَوْران، تقع بالقرب من الحدود السورية - الأردنية، وهي في سورية.
(٢) الشوبك: مدينة تقع جنوب (الكرك) على مسافة ٩٨ كيلو متراً منها، وهي عاصمة منطقة (آدوم)، وارتفاعها فوق سطح البحر ١٣٢٨ متراً، وهي الآن من أعمال الأردن.
(٣) أيلة: هي ميناء العقبة على مدخل الخليج المسمَّى باسمها، وهي من أعمال الأردن.

<<  <   >  >>