للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد مات ولم يحفظ من الأموال ما وجبت عليه الزكاة، وأما صدقة النفل فإنها استنفدت جميع ما ملكه من الأموال، ولم يخلف من خزانته من الذهب والفضة إلاَّ سبعة وأربعين درهماً ناصرية وديناراً واحداً ذهباً، ولم يخلف ملكاً ولا داراً ولا عقاراً ولا بستاناً ولا قرية ولا مزرعة ولا شيئاً من أنواع الأملاك.

وكان يحرص على الصوم غاية الحرص، فإذا مرض أحصى ما فاته من الصوم وقضاه. وقد شرع بقضاء الفوائت بالقدس الشريف في السنة التي توفي فيها. وكان الصوم لا يوافق مزاجه، وكان الطبيب يلومه وهو لا يسمع ويقول: "لا أعلم ما يكون"، ولم يزل يقضي حتى قضى ما كان عليه (١).

وكان عازماً على أداء فريضة الحج ناوياً له سيما في العام الذي توفي فيه، فإنه صمم العزم عليه، وأمر بالتأهب ولم يبقَ إلا المسير، ولكنه اعتاق عن ذلك بسبب ضيق الوقت وفراغ اليد من النفقات" (٢).

وكان يحبُّ سماع القرآن العظيم، حتى إنه كان يختار إمامه اختياراً، ويشترط أن يكون عالِما بعلوم القرآن متقناً لحفظه.

وكان يستقرئ مَن يحضره في الليل وهو في برجه الجزأين والثلاثة والأربعة وهو يسمع. ولقد اجتاز على صغير بين يدي أبيه وهو يقرأ القرآن، فاستحسن قراءته، فقرَّبه وجعل له حظّاً من خاصّ طعامه، ووقف عليه وعلى أبيه جزءاً من مزرعةٍ.


(١) النوادر السلطانية ٧ - ٨.
(٢) النوادر السلطانية ٩.

<<  <   >  >>