للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان رقيق القلب، خاشع الدمعة، إذا سمع القرآن يخشع قلبه وتدمع عينه في معظم أوقاته.

وكان شديد الرغبة في سماع الحديث، ومتى سمع عن شيخ ذي رواية عالية وسماع كثير، فإن كان ممن يحضر عنده استحضره وسمع عليه، فأسمع مَن يحضره في ذلك المكان من أولاده ومماليكه المختصِّين به، وكان يأمر الناس بالجلوس عند سماع الحديث إجلالاً له؛ وإن كان ذلك الشيخ ممن لا يطرق أبواب السلاطين ويتجافى عن الحضور في مجالسهم، سعى إليه وسمع عليه، وقد تردَّد إلى الحافظ الأصفهاني (١) بالإسكندرية وروى عنه أحاديث كثيرة.

وكان يحب قراءة الحديث بنفسه، وكان يستحضر العلماء في خلوته، ويحضر شيئاً من كتب الحديث ويقرؤها هو، فإذا مرَّ بحديثٍ فيه عبرة رقَّ قلبه ودمعت عينه.

وكان كثير التعظيم لشعائر الدين، حسن الظنِّ بالله، كثير الاعتماد عليه، عظيم الإنابة إليه (٢).

وكان عادلاً رؤوفاً رحيماً ناصراً للضعيف على القوي، وكان


(١) الحافظ الأصفهاني: هو الحافظ السلفي أبو الطاهر عماد الدين أحمد بن محمد بن إبراهيم المحدِّث المشهور، والسلفي لقب جَدٍّ له نسبه إلى سلفة وهو لفظ فارسي معناه ثلاث شفاه، لأنَّ إحدى شفتيه كانت مشقوقة فصارت مثل شفتين. وقد تلقَّى دراسته الأولى في أصفهان، ثمَّ حجَّ وسمع بالحرمين، وطوَّف بالبلاد في طلب الحديث، فزار بغداد ودمشق وصور، وانتهى به المطاف إلى الإسكندرية سنة ٥١١هـ، وظلَّ مقيماَ بها إلى أن توفي سنة ٥٧٦هـ. انظر الهامش رقم (٧) في: النوادر السلطانية ٩.
(٢) انظر التفاصيل في: النوادر السلطانية ٩ - ١٢.

<<  <   >  >>