للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد ذهب الزبد إلى غير رجعة، ومكث في الأرض ما ينفع الناس، والناس يعرفون الذين يخدمون أهدافهم العليا بصدق وإخلاص، وقد يُغَشُّون ساعة، ولكنهم لا يُغشُّون إلى قيام الساعة.

وأكبر الظنِّ أنَّ الذين لا يخلصون في خدمتهم ويتظاهرون بالإخلاص، لا يغشّون غير أنفسهم، وحتى الأقلام المأجورة التي سخَّروها للتسبيح بحمدهم، يعرف أصحابها حقيقة أمرهم وحقيقة مَن يكتبون عنهم، والمصير المحتوم لما يكتبون! إن صلاح الدين لم يحظَ بتقدير المؤلِّفين العرب والمسلمين فحسب، بل حظي بتقدير المنصفين من مؤلفي الغرب الصليبيين. بل إن تقديره تجاوز المنصفين من المؤلفين الغربيين القدامى والمحدثين إلى غير المنصفين أيضاً، ولكن بشكل آخر هو: التركيز على أهمية القضاء عليه في حياته بشتَّى الوسائل، وبثّ الإشاعات الكاذبة عنه خوفاً منه وتقديراً لأهميته الشخصية في إحراز النصر (١).

وحتى الذين حاربوه من الإفرنج، قوَّموه وقدَّروا له فضله وشجاعته ومروءته وأعجبوا أيما إعجاب بمزاياه الحميدة وخصاله الفذَّة.

لقد أحرز صلاح الدين النصر على أعدائه بسجاياه النادرة، قبل أن يحرز عليهم النصر بقواته المسلَّحة النظامية وقوات المتطوعين من المجاهدين.


(١) أطلق البريطانيون على دبابة من دبَّاباتهم اسم: صلاح الدين: لأنها كانت من أقوى الدبَّابات في حينه.

<<  <   >  >>