ولعلَّ من المفيد إيراد أمثلة من تقدير المؤلفين الغربيين لصلاح الدين سواء كان ذلك التقدير بصورة ثناء أو بصورة أخرى غير الثناء تُقَيِّم صلاح الدين كما يُقَيِّمه الثناء.
يقول (١) (شامب دور Albert Champdor) في ترجمته لصلاح الدين: "إنَّ صلاح الدين كان أنقى قادة العرب، وإليه يرجع الفضل في التمهيد لنهضة الإسلام السياسية، وإنَّه كان على الصليبيين أن يواجهوا في صلاح الدين حاكماً ذكياً ماهراً مرهوب الجانب، عرف كيف يفرض على خصومه التقدير والاحترام لشجاعته ونزاهته وأمانته وسموّ خُلُقه، تلك الخصائص الخلقية التي كان الشرق قد فقدها في قادته منذ زمن بعيد".
ويعجب المؤرِّخ (شامب دور) من أنَّ صلاح الدين الذي كان سيد الشرق والقائم على كل ما فيه من ثروات وخيرات، قد مات فقيراً معدماً حتى إن أهله اضطروا إلى اقتراض المال الذي أعدُّوا به شؤون جنازته يوم موته.
ويقول المؤرخ (سوبر هاييم Soberheim) : " إنَّ صلاح الدين لم يكن متعصِّباً ولم يكن ليحمل ضغينة أو بغضاء للصليبيين باعتبارهم بشراً ولا للمسيحيين الخاضعين لحكمه، لذلك لم يضرب الصليبيين كمسيحيين، بل كان يضربهم كأعداء بادؤوا العرب العداء وجاؤوا ليضربوا الإسلام في دياره".
(١) انظر التفاصيل في كتاب: من الحروب الصليبية إلى حرب السويس - المرحلة الأول ٥٠ - ٥٨.