وأدرك آموري أمام قوة صلاح الدين المتزايدة، أنَّه لم يعد له أمل في القضاء على صلاح الدين في ساحة القتال، فأخذ يدبِّر المؤامرات لاغتياله. وأرسل أحد أعوانه إلى مصر في مهمة رسمية، كان ظاهرها تحيات وتمنيات الملك الصليبي إلى صلاح الدين، وباطنها الاتصال بالمتمرّدين -آنئذٍ - على سلطة صلاح الدين واغتياله، ولكن هذه المؤامرات باءت بالإخفاق، وعزَّزت مكانة صلاح الدين.
واستخدم قادة الغرب شتَّى الوسائل للإيقاع بصلاح الدين: استخدموا الرشوة والجواري والمال، وسَعوا إلى عقد المحالفات مع ذوي المطامع السياسية، ولكن صلاح الدين بحلمه واستقامته تغلَّب على المنافسين له والطامعين في ملكه من قادة الغرب والقادة المحلِّيين أيضاً.
وفي ذلك يقول (شامب دور): "لقد كانت معجزة حقاً أن يتمكَّن صلاح الدين من البقاء في الحكم دون الركون إلى وسائل القوة والبطش بخصومه أو القضاء عليهم، وأعجب من هذا أن يتمكن هذا القائد العربي من إقامة إمبراطورية عربية قوية في مدى محدود من السنوات، على الرغم من كل هذه المناورات، وعلى الرغم من أن الحروب الصليبية كان يقودها ويدير معاركها، ويلظى نارها زعماء المسيحية والخاصة من الغرب ممن يزعمون لأنفسهم رسالات الدين والخلق، ويتصفون بطابع الفكر والاتجاهات الروحية - على الرغم من ذلك كله، فإنَّه في غمار تلك الحملات الصليبية وباسمها ارتُكِبت أحطّ الجرائم من قتلٍ للأبرياء وسلبٍ للآمنين وسبيٍ للنساء، مما لم يكن له مثيل في تاريخ الحروب في الشرق ... ".