وأنَّ هذا المصير المخيف لا مناص منه طالما كان صلاح الدين على رأس مصر وسورية معاً، مما يحقِّق الوحدة بينهما لتصبحا مصدر تهديد للغرب".
ولقد ذهب الملك آموري في مخاوفه من صلاح الدين إلى أبعد من هذا، فتكهَّن للغرب بأنَّ صلاح الدين الأيوبي قد تغريه انتصاراته وقوته، فيقوم بتكوين مملكة تمتدُّ من (النيل) إلى (الفرات) و (دجلة)، فيصبح في المركز الذي يستطيع منه أن يسدِّد الضربة القاضية إلى الدول الإفرنجية التي أقامها الصليبيون في فلسطين وعلى شواطئ لبنان. وأكَّد آموري أن قوَّة صلاح الدين وانتصاراته لا تعدو أن تكون مقدّمة لنضال يطول مستقبلاً بين المسيحيين في الغرب والمسلمين في الشرق، إلى أن يستفحل أمره ويعمّ خطره، فينتهي إلى النضال بين العالَمَين الغربي والعربي، يناضل فيها الغرب من أجل الاحتفاظ بما مكَّن له من أسباب القوة وقواعده التي تهدد الإسلام وتحول بينه وبين استرداد قوته وجمع العناصر التي تتيح له الانتصار على الغرب، ويناضل فيه العرب من أجل الذَّودِ عن استقلالهم والسيادة على بلادهم.
وبعث الملك آموري جيوشه إلى مصر، بدعوى الدفاع عن عرش الخليفة الفاطمي، ولكن قوات صلاح الدين أجبرت آموري على الانسحاب.
وعاد آموري لغزو مصر عن طريق البحر، فحاصر مدينة (دمياط)، ولكن صلاح الدين أجبره على الجلاء عن الأراضي المصرية كما مرَّ بنا سابقاً.