للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رمضان من سنة ثمانٍ وخمسين وستمئة الهجرية (١٢٦٠م)، وغادر معسكر (الصالحية) بجيشه، ووصل مدينة (غزة) والقلوب وجلة (١).

وكان في (غزة) جموع التتار بقيادة (بيدر)، وكان (بيدر) قد أخبر قائده (كَتْبُغا نُوين) الذي كان في سهل (البقاع) (٢) بالقرب من مدينة (بعلبك) (٣) بزحف جيش قطز، فردَّ عليه: "قف مكانك وانتظر".

ولكن قطز داهم (بيدر) قبل وصول (كتبغا نوين)، فاستعاد (غزَّة) من التتار، وأقام بها يوماً واحداً ثم غادرها شمالاً باتجاه قوات التتار (٤).

وكان (كتبغا نوين) مقدم التتار على جيش هولاكو لما بلغه خروج قطز وكان بالبقاع، وقد عقد مجلساً استشارياً واستشار ذوي الرأي في ذلك، فمنهم مَن أشار بعدم الملتقى بجيش قطز في معركة، والانتظار حتى يجيئه مددٌ من هولاكو ليقوى على مصاولة الجيش المصري، ومعنى ذلك مشاغلة جيش قطز بالقوات المتيسّرة لديه ريثما ترده النجدات التي تضمن له النصر. ومنهم من أشار بغير ذلك: قبول المعركة، اعتماداً على قوات التتار التي لا تُقهر، وهكذا تفرَّقت الآراء. وكان رأي (كتبغا نوين) قبول المعركة، ومواجهة جيش قطز، فتوجه من فوره


(١) النجوم الزاهرة ٧/ ٧٨.
(٢) البقاع: سهل يقع في لبنان بين سلسلتي جبال لبنان الشرقية والغربية، وهو من السهول العالية، تغذِّيه شبكة ري نهري العاصي والليطاني وروافدهما، ومن مدنه في لبنان: شتورا وبعلبك ... إلخ.
(٣) بعلبك: مدينة قديمة، فيها أبنية عجيبة وآثارها عظيمة، انظر التفاصيل في معجم البلدان ٢/ ٢٢٦، والمسالك والممالك ٤٦. وهي مدينة أثرية تقع في لبنان شمال شرقي بيروت، لا تزال آثارها قائمة.
(٤) السلوك للمقريزي ١/ ٤٣٠.

<<  <   >  >>