واستأنف قطز الهجوم المضاد بقوات (القلب) التي كانت بقيادته المباشرة وكان يتقدَّم جنوده وهو يصيح: "وا إسلاماه ... وا إسلاماه". واقتحم قطز القتال وباشر ذلك بنفسه، وأبلى في ذلك اليوم أعظم البلاء، وكانت قوات القلب مؤلَّفة من المتطوّعين المجاهدين أتباع الطرق الصوفية وغيرهم من الذين خرجوا يطلبون الشهادة ويدافعون عن الإسلام بإيمان، فكان قطز يشجع أصحابه ويحسّن لهم الموت، ويُضرب به المثل بما يفعله من إقدام ويبديه من استبسال.
وكان قطز قد أخفى معظم قواته النظامية المؤلفة من المماليك في شِعَب التلال لتكون كمائن، وبعد أن كرَّ بالمجاهدين كرَّة بعد كرَّة حتى زعزع جناح التتار، برز المماليك من كمائنهم وأداموا زخم الهجوم بشدة وعنف.
وكان قطز أمام جيشه يصيح:"وا إسلاماه ... يا الله!! انصر عبدك قطز على التتار"، وكان جيشه يتبعه مقتدياً بإقدامه وبسالته، فقُتِل فرس قطز من تحته، وكاد يُعرَّض للقتل لولا أن أسعفه أحد فرسانه فنزل له عن فرسه.
وسار قطز إلى قيادة رجاله متغلغلاً في صفوف أعدائه، حتى ارتبكت صفوف التتار، وشاع أن قائدهم (كتبغا نوين) قد قُتِل، فولّوا الأدبار لا يلوون على شيء.
كان (كتبغا نوين) يضرب يميناً وشمالاً غيرة وحمية، وكان يكرُّ