وتسابقوا إلى رفعه، وتشاءموا بهذا الحادث ورأوا فيه نذيراً بسقوط المدينة. ولم يمضِ وقت طويل، حتى ثارت زوبعة شديدة وبرقت السماء وأرعدت، ثم تهاطل المطر غزيراً مدراراً، فطغى الماء وعاق الناس عن السير.
وفي يوم السبت السابع عشر من جمادى الأولى (اليوم السادس والعشرين من مايس - مايو)، تجمَّعت السحب والضباب في السماء وتكاثفت، ثم انقضَّ نيزك من السماء على قبة كنيسة (آيا صوفيا) كاد يخطف الأبصار، فازداد الناس تشاؤماً واشتدَّ بهم الفزع، واعتقدوا أنَّ الله قد تخلى عنهم وعن مدينتهم.
وقصد وكيل البطريرك وقسم من كبار الرهبان قسطنطين ونصحوا له بمبارحة المدينة، فقد ظهرت أمارات تدلُّ على قرب سقوطها بيد العثمانيين بعد أن رفع الله عنها حمايته ورعايته. وما أن سمع قسطنطين هذا القول حتى غشي عليه وسقط إلى الأرض، وعندما أفاق قال لمن حوله:"إذا كانت هذه هي إرادة الله، فأين نفرّ من غضبه؟! سأبقى هنا وأموت معكم".
وكان هناك أناس في المدينة تداعب أخيلتهم أطياف من الأماني والتعلاَّت تبعث في نفوسهم شعاعاً من الأمل والنور في هذا الجو المظلم الكئيب. وكان فريق من هؤلاء الناس يذكرون كيف حاصر السلطان مراد الثاني والد السلطان الفاتح مدينة القسطنطينية وأطبق عليها بخيله ورَجِلِهِ، ولكن اضطر آخر الأمر أن يرفع الحصار عنها، وكان فريق من هؤلاء يردِّدون نبوءة مشهورة ذائعة وهي أن العثمانيين إذا انتصروا