للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إنقاذ المدينة، فاقترح على الإمبراطور أن يغادرها وينجو بنفسه قائلاً:

"إذا لم نستطع إنقاذ المدينة، فلا أقل من أن ننقذ الإمبراطور". ووقع هذا الاقتراح وقعاً شديداً على نفس قسطنطين فأغمي عليه، فلما أفاق من غشيته أعادوا عليه الاقتراح، ولكنه أصرَّ على البقاء في المدينة مهما تكن العواقب.

وفي خلال هذا المؤتمر الحزين، كان يسمع من بعيد دويّ القنابل العثمانية وهي تدكّ الأسوار، وصيحات الجنود تتعالى بالتهليل والتكبير. وامتطى الإمبراطور جواده كدأبه كل يوم ليفتش مواقع الجنود، وكان يتوقَّف بين موقع وآخر ويترجَّل عن جواده ويصعد إلى أعلى السور وينظر إلى معسكر العثمانيين، ثم يهبط ويستأنف طوافه وقلبه يتفطر ألماً وحسرة.

وحدثت في ذلك الوقت بعض الأحداث والظواهر الطبيعية كان لها أثر سيِّئ في المعنويات، لا سيما معنويات أُناس كسكان القسطنطينية اجتمع عليهم الجهد والإعياء واليأس والقنوط من طول ما عانوا من أهوال الحصار وويلاته والإيمان العميق بالخرافة والطِّيَرَة، فقد خرج في يوم السابع عشر من جمادى الأولى سنة سبع وخمسين وثمانمئة الهجرية (الخامس والعشرين من مايس - مايو) موكب من الرجال والنساء حملوا معهم تمثال العذراء، وأخذوا يجوبون أنحاء القسطنطينية وهم يستغيثون ويتضرَّعون.

وفيما كان الموكب يخترق طرقات المدينة، إذ سقط التمثال من أيدي حامليه ووقع إلى الأرض، فارتفعت صيحات الفزع والألم

<<  <   >  >>