وكان أشد الهجوم وأعنفه قد ركز نحو وادي (ليكوس) الواقع بين (طوب قبو) في الجنوب، وباب (أدرنه) في الشمال. وكان هذان البابان يقعان على نشز مرتفع، ويقع الوادي بينهما متطامناً منخفضاً، وكان السور القائم في تلك المنطقة وبخاصة الجانب الذي يلاصق (طوب قبو) قد تهدَّم تهدُّماً كبيراً، فأقام جستنيان مكانه متراساً قوياً تحصَّن به.
وقد قسَّم الفاتح جنوده الذين يقاتلون في هذه المنطقة إلى ثلاثة أقسام: القسم الأول مؤلف من جنود الرومللي والمتطوعين المستجدِّين من أجناس مختلفة، وقد تقدَّم هؤلاء الجنود إلى الأمام، حتى إذا صاروا على مرمى قوس من السور توقفوا وأخذوا يمطرونه بالقذائف والسهام، فردَّ عليهم المدافعون بالمثل. واندفع فجأة تحت هذا الوابل من القذائف والسهام كثير من المهاجمين نحو السور وأقاموا عليه مئات السلالم لتسلّقه، فأسرع المدافعون وقلَّبوا هذه السلالم بمن كان عليها، وقذفوا وراءهم الصخور والأحجار الضخمة. ولم يمنع ذلك المهاجمين من معاودة تسلُّق السور مرة بعد مرة، ونجح قسم كبير منهم في ارتقائه واحتلال موطئ قدم عليه. وحدث صراع عنيف بالسلاح الأبيض، فالتحم الطرفان في معركة ضارية استمات فيها جستنيان ورجاله، واستطاعوا ردّ المهاجمين على أعقابهم، وقد استمرَّ هذا القتال العنيف نحو ساعتين.
وأمر السلطان هذا القسم من الجند بالانسحاب، ودفع إلى الهجوم القسم الثاني من جنوده وهم جنود الأناضول. أما المدافعون