للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما جنود الأناضول الذين كانوا يهاجمون وادي (ليكوس)، فقد أمرهم محمد الفاتح بالانسحاب، وكان المدافعون قد بلغوا أقصى المدى من الكلال والجهد والإعياء، وكان الفاتح يرمي من هذه الهجمات المتواصلة إرهاق المدافعين وإجهادهم واستنزاف طاقاتهم قبل أن يضربهم الضربة الأخيرة القاضية.

واغتبط جستنيان ورجاله بانسحاب العثمانيين، وارتفعت صيحات الفرح والنصر من جوانب السور، وقال جستنيان للأمبراطور قسطنطين وقد طفح وجهه بالبشر: "يا صاحب الجلالة! اطمئنوا، فإن سيوفنا قد ردَّت العدو".

ولم يكد جستنيان يأخذ قسطه من الراحة، ولم يكد السلطان الفاتح يسحب رجاله من السور، حتى أمر مدفعيته بقصف السور بشدة وعنف، ثم جاء بالقسم الثالث من جنوده وهم الانكشارية وكانوا خير الجند تدريباً وتنظيماً وضبطاً وحنكة وبسالة وقيادة، وأصدر إليهم أوامر الهجوم.

كان تنفيذ خطة الهجوم في هذه المرة أكثر إحكاماً ودقة، وكان الشيوخ والعلماء يشجعونهم ويحرضونهم على القتال والجهاد، وكان الصبح قد أضاء وأمكن رؤية كل شيء بسهولة ووضوح.

وقاد السلطان الفاتح بنفسه هؤلاء الجنود إلى حافة الخندق، وهناك أمر الرماة والنبالة بأن يمطروا المدافعين بالنبال والسهام بحيث لا يقدر أحد منهم أن يطل برأسه من فوق السور.

وتحت هذا الستار الكثيف من النبال المنهمرة الكثيفة، زحف

<<  <   >  >>