للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحصار. وقد أحسن الفاتح لقاءه وسأله عن الإمبراطور، فأجاب بأنه لا يعلم عنه شيئاً. فسأله السلطان عن مصير جستنيان فأجاب: "إن كل ما يعلمه عنه أن عقب إصابته بالجرح، نقل إلى سفينة راسية بميناء القرن الذهبي"، فأرسل الفاتح من فوره قسماً من رجاله إلى (طوب قبو) للبحث عن الإمبراطور، كما أرسل أناساً آخرين إلى الميناء للبحث عن السفينة التي يرقد فيها جستنيان وإنزاله إلى البرّ وإحضار أمهر الأطباء لمعالجته.

وقد كان السلطان بطلاً يكرم البطولة ولو كانت في ألدّ أعدائه، وكان قد أظهر إعجابه بجستنيان عندما كان يدافع عن السور بحذق ومهارة وبسالة.

وجاء جندي يحمل رأس قسطنطين وقد ظنَّ أنه جاء بما يفرح السلطان، فسأل الفاتح نوتاراس إن كان حقاً هو رأس قسطنطين، فأجاب بالإيجاب وهو يبكي. وعزَّ على السلطان أن يمثّل بالإمبراطور ويُزدرى على هذا النحو، فأمر بقطع رأس ذلك الجندي الذي ارتكب هذه المثلة وأن يُحتفل بدفن الإمبراطور قسطنطين بما يليق بمكانته ومنزلته (١).

وسلك السلطان الفاتح نحو أهل القسطنطينية سياسة التسامح والرأفة، وأمر جنوده بحسن معاملة مَن في أيديهم من الأسرى والرفق بهم، وقد بذل الفاتح ما كان في وسعه لتخفيف آلامهم وفكّ أسرهم، وفدى عدداً من كبار الأسرى بماله الخاص. وكان كثير من سكان


(١) الأب دي كوبيه اليسوعي: كشف المكتوم.

<<  <   >  >>