وستحيطون أنتم بي (١) من حولي، وندعو الله بقلوب خاشعة ذليلة أن يهب النصر لجنودنا"، وكان هذا نص كلامه حين خطب الكرادلة.
ومن الواضح أن البابا كان يزمع أن يحوز النصر على العثمانيين الأقوياء بالدعوات!! وحطَّ البابا رحاله في (أنكون) ينتظر ما سيمده به ملوك وأمراء أوروبا من جند وعتاد وسلاح ومواد تموينية وسفن حربية وسفن نقل، ولكنه لم يجد شيئاً مما كان قد أمّل، إذ لم تؤت دعوته ما كان يتوقعه؛ ففرنسا قد شغلتها دسائس ملكها لويس الحادي عشر ومكائده، وألمانية قد شملتها الفوضى والاضطرابات تحت حكم إمبرطورها الضعيف فردريك الثالث، وأمير البندقية التحق بالبابا كرهاً لا طوعاً، واعتذر دوق البندقية عن الالتحاق بالحملة متعللاً بعدم قدرته على السير بنفسه وبأسباب داخلية.
واغتم البابا لعدم تلبية دعوته غماً شديداً، وثارت به العلل والأسقام، ورزحت تحت وطأتها القاتلة شيخوخته الذابلة. وعندما شاهد أسطول البندقية في الميناء على أهبة السفر قال فى توجع وحسرة: "لقد كنت قبل اليوم أنشد الأسطول لأبحر به فلا أجده، وهاهو ذا اليوم يحضر إليّ فلا يجدني"، فقد أحس الوهن يسري في جسمه، وشعر بدنو أجله، فدعا إليه جميع الكرادلة لتوديعهم، وطلب منهم أن يصلُّوا لأجله.