للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأدرياتيك حتى شاهد مجموعات من الصليبيين وهم يعودون إلى أوطانهم، قد انصرفوا عن هذه الحملة المقدسة!. وكان بين المحتشدين في (أنكون) عدد كبير من رجال الحرب الأشداء المدربين على القتال، ولكنهم لما وجدوا أن الكنيسة لا تدفع إليهم شيئاً غير صكوك الغفران، ازْوَرُّوا عنها وانصرفوا إلى بلادهم ساخطين ساخرين!! ... وكان قد توافد كثير من العامة والبسطاء من أرجاء أوروبية كثيرة إلى (أنكون) بدون سلاح ولا أرزاق ولا مال، دفعتهم الحماسة الدينية الساذجة التي تتأجج في صدورهم، وكانوا واثقين أنهم سيُزَوَّدون بكل ما يحتاجون إليه من سلاح وأرزاق ومال إن لم يكن ذلك بوسيلة من وسائل الأرض فبمعجزة من معجزات السماء ... وطال بهم الانتظار، وألحّ عليهم الجوع، ولم يغن عنهم البابا شيئاً، لذلك فترت عزيمتهم وخابت آمالهم، وعادوا أدراجهم إلى أوطانهم في حالة يرثى لها. والتقوا بالبابا وهو يتهادى في محفته، فحزّ في نفسه أن يكون أول ما تقع عليه عينه انصراف هؤلاء إلى بلادهم، وأول ما تسمع أذنه قولهم: "هل نشبع بصكوك الغفران؟! هل نطعم أهلنا صكوك الغفران"؟!.

وقال البابا فيما قال: " ... على أني لن أخوض غمار القتال بنفسي، فإن ضعف بنيني وجلال الكهنوتية التي لا يليق بها الضرب بالسيف يحملانني على الابتعاد عنه. ولكنني سأجثو على ركبتيَّ على كوثل (١) مرتفع أو على قمة جبل، وبين يديّ القربان المقدس،


(١) الكوثل: مؤخر السفينة.

<<  <   >  >>