ولم يكن ملك نابولي أقل ابتهاجاً بتلقي هذا النبأ، فقد تنفس الصعداء، وبادر فعرض على الجيش العثماني المعسكِر في (أوترانتو) أن ينسحب منها بأمان ويعينه على الرحيل منها. ولكن الجنود العثمانيين أبوا أول الأمر أن يصدقوا نبأ وفاة سلطانهم وحسبوه خدعة لبلبلة أفكارهم وإضعاف عزيمتهم، وأصروا على البقاء في أماكنهم. ولما رأى دوق (كلابريا) منهم ذلك، شن عليهم القتال وهجم عليهم هجوماً شديداً، وجعل شجعان رجاله في مقدمة الجيش، ولكن العثمانيين ردوهم على أعقابهم مدحورين.
ولم يمضِ على ذلك غير قليل، حتى جاءهم النبأ اليقين عن وفاة
السلطان محمد الفاتح، فانتابهم من ذلك هم شديد وحزن عميق، فقد كانوا يرجون أن يستأنفوا زحفهم لفتح جميع إيطاليا بعد أن استولوا على مفتاحها في الجنوب. وعرض ملك نابولي مرة أخرى على الجنود العثمانيين أن ينسحبوا آمنين على حياتهم وأمتعتهم وعتادهم. وقبل العثمانيون ذلك هذه المرة، وشرعوا ينسحبون عن إيطاليا، ولكن الإيطاليين لم يفوا بما تعهدوا فاعتقلوا قسماً من الجنود الانكشارية الذين كانوا في المؤخرة وصفدوهم بالسلاسل.
على أن ما أقامه رئيس فرسان (ردوس) وملك (نابولي) من مباهج وأفراح واحتفالات لوفاة السلطان الفاتح، لا يكاد يعدّ شيئاً إلى جانب ما أقامته (روما) من مباهج وأفراح واحتفالات. وكان أشد الناس اغتباطاً فيها بطبيعة الحال البابا سيكست الرابع الذي حاول الفرار من روما حين اقترب العثمانيون من مقر عرشه. فلم يكد يبلغه