على قدم المساواة، وتجنُّب المحاباة والاستثناء وحسب، بل يجب أن ينظر إلى كل فرد على حدة، فيكافأ أو يعاقب على تصرفه بمعزل عن تصرفات الآخرين. يقول (ريدياه): "إني أتحدى أقوى الناس أن يحمل أحدهم على بذل مجهود جديد إذا لم يكن قد كافأ مجهوده الأول"، ونحن نتحدى أقوى الناس أن يتفادى تكرار غلطة أو هفوة إذا لم يكن قد عاقب الغلطة الأولى.
وليس من اليسر - في رأي الفرنسيين - ولا من السهل أن يكون المرء منصفاً، فعلى القائد أن يحذر ما يحب وما يكره باعتباره بشراً، وأن يحذر ميله إلى هذا أو ذاك من مرؤوسيه ونفوره من هذا أو ذاك. وعليه أن يحذر أكثر فأكثر نزعته إلى اعتبار تصرف أو عمل ما في محله لا لشيء إلا لأن هذا العمل أو ذاك التصرف يتفق ورغباته الخاصة أو عواطفه، فالإنسان كثيراً ما ينخدع بعقله أو بقلبه، والإنصاف إنما يتطلب نظرة موضوعية إلى الأشياء.
والصدق هو أن تنطبق أفكار المرء وأفعاله على قاعدة سلوك اختارها أو ارتضاها لنفسه، والقائد يجب أن يكون صادقاً مع نفسه ومع رؤسائه ومع جيشه. ففي مجتمع كالجيش، لا يمكن أن يأخذ تيار التفاهم أو التعاون مجراه بين مختلف المناصب والرتب ما لم يكن الصدق شعار الجميع. والصدق هو أساس الثقة والصراحة، به نتفادى الخلافات وما تورثه من حقد وغل، لأنه يجعلها غير ذات موضوع، وقد أصاب (ريدياه) كبد الحقيقة عندما قال: "الصدق هو أمضى سلاح في يد القائد".