للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كالقوة التي تدفع المرض وتقاومه، فإذا ذهبت القوة كان الهلاك» (١).

والضابط في تشبه النساء بالرجال في الملبوس، وهل هو بالنسبة إلى ما كان على عهد رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -، أو كل زمانٍ بحسبه؟

وقد أجاب على هذا شيخ الإسلام ابن تيمية بجواب مفصَّل، فقال: «وَقَدْ اسْتَفَاضَتْ السُّنَنُ عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي الصِّحَاحِ وَغَيْرِهَا بِلَعْنِ الْمُتَشَبِّهَاتِ مِنْ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ، والمتشبهين مِنْ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ وَفِي رِوَايَةٍ: «أَنَّهُ لَعَنَ الْمُخَنَّثِينَ مِنَ الرِّجَالِ والمترجلات مِنَ النِّسَاءِ»، وَأَمَرَ بِنَفْيِ الْمُخَنَّثِينَ، وَقَدْ نَصَّ عَلَى نَفْيِهِمْ: الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَد، وَغَيْرُهُمَا، وَقَالُوا: جَاءَتْ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالنَّفْيِ فِي حَدِّ الزِّنَا، وَنَفْيِ الْمُخَنَّثِينَ.

وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ مِنْ أُمَّتِي لَمْ أَرَهُمَا بَعْدُ: كَاسِيَاتٌ، عَارِيَاتٌ، مَائِلَاتٌ، مُمِيلَاتٌ، عَلَى رُؤُوسِهِنَّ مِثْلُ أَسْنِمَةِ الْبُخْتِ، لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ، وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا، وَرِجَالٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ مِثْلُ أَذْنَابِ الْبَقَرِ، يَضْرِبُونَ بِهَا عِبَادَ اللَّهِ» (٢).

وَفِي السُّنَنِ أَنَّهُ «مَرَّ بِبَابِ أُمِّ سَلَمَةَ - رحمه الله - وَهِيَ تَعْتَصِبُ فَقَالَ: «يَا أُمَّ سَلَمَةَ لَيَّةٌ لَا لَيَّتَيْنِ» (٣).


(١) فيض القدير، ٣/ ٣٢٧.
(٢) مسلم، برقم ١١٨٩، تقدم تخريجه.
(٣) أحمد، ٤٤/ ١٤٢، برقم ٢٦٥٢٥، وأبو داود، كتاب اللباس، باب كيف الاختمار، برقم ٤١١٥، والحاكم، ٤٢١٦، وقال: «صحيح الإسناد»، ووافقه الذهبي، وعبد الرزاق، ١٣٣، برقم ٥٠٥٠، والطبراني، ٢٣/ ٣١٢، برقم ٧٠٥، والبيهقي في شعب الإيمان، ٥/ ١٥٠.

<<  <   >  >>