قال ابن بطال: «في الحديث الأمر بغض البصر خشية الفتنة، ومقتضاه أنه إذا أُمنتِ الفتنة لم يمتنع .. ويؤيده أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يُحوّلْ وجه الفضل حتى أَدْمَنَ النظر إليها لإعجابه بها، فخشي الفتنة عليه .. وفيه دليل على أن نساء المؤمنين ليس عليهن من الحجاب ما يلزم أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -، إذ لو لزم ذلك جميع النساء لَأمَرَ النبي - صلى الله عليه وسلم - الخثعمية بالاستتار ولما صَرَف وجه الفضل .. وفيه دليل على أن ستر المرأة وجهها ليس فرضًا؛ لإجماعهم على أن للمرأة أن تبدي وجهها في الصلاة ولو رآه الغرباء» [فتح الباري، ١١/ ١٠]. ٥ - وعَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - «أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ دَخَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَعَلَيْهَا ثِيَابٌ رِقَاقٌ، فَأَعْرَضَ عَنْهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَقَالَ: «يَا أَسْمَاءُ، إِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا بَلَغَتِ الْمَحِيضَ لَمْ تَصْلُحْ أَنْ يُرَى مِنْهَا إِلاَّ هَذَا وَهَذَا». وَأَشَارَ إِلَى وَجْهِهِ وَكَفَّيْهِ». [سنن أبي داود، كتاب كتاب اللباس، باب فيما تبدي المرأة من زينتها، برقم ٤١٠٦، والبيهقي، ٨/ ١٦٣، وفي معرفة السنن له أيضاً: ٣/ ١٤٤، وحسنه الألباني لغيره في صحيح الترغيب والترهيب، برقم ٢٠٤٥، وقال الحافظ ابن حجر في الدراية، ١/ ١٢٣: وأخرجه ابن عديّ، وقال: رواه خالد مرة أخرى، فقال: عن أم سلمة، وعن قتادة مرفوعًا: «إن المرأة إذا حاضت لم يصلح أن يُرى منها إلا وجهها ويداها إلى المفصل»، وهذا معضل، أخرجه أبو داود في المراسيل، وعزاه ابن كثير في تفسيره، ٣/ ٢٨٣، نحو هذا إلى أبي حاتم الرازي]. فهذا نص واضح - لو صحَّ الحديث - على جواز إظهار المرأة وجهها وكفيها، لكن لا يغفل عن قول القائلين بذلك يشترطون أن لا يكون عليها شيء من الزينة، ولا يحصل بذلك فتنة [انظر: حجاب المسلمة، للبرازي، ص ١٤٧]. ورد القائلون بتحريم سفور وجه المرأة، ووجوب تغطيته بما يأتي: ١ - إن قول هذا الفريق بجواز كشف الوجه مشروط بأمن الفتنة، وحيث يغلب على الظن وجودها، فضلًا عن تحققها، فيحرم - حينئذ - كشفه. [انظر: أحكام القرآن للجصاص، ٣/ ٢٨٩، والدر المختار بهامش حاشية ابن عابدين، ٥/ ٢٤٤، ومجمع الأنهر، ١/ ٨١، وأحكام القرآن لابن العربي، ٣/ ١٣٥٧، ومواهب الجليل، ١/ ٤٩٩، وجواهر الإكليل، =