ولو صحَّ أنها وقعت بعد أن فُرِض الحجاب، فلا ضير عليها في ذلك؛ لأنها في مجلس علم مع المعصوم - صلى الله عليه وسلم -، يضاف إلى ذلك أن الحافظ ابن حجر وآخرين قد ذكَروا: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يَحرُمُ عليه النظر إلى المؤمنات الأجنبيات لمحل العصمة، بخلاف غيره [انظر: فتح الباري، ٩/ ٢١٠، وسبل السلام، ٣/ ١١٢، وفتح العلام، ٢/ ٩٠]. وقال أيضًا: والذي وضح لنا بالأدلة القوية أَنَّ من خصائص النبي - صلى الله عليه وسلم - الخلوة بالأجنبية، والنظر إليها [انظر: فتح الباري، ٩/ ٢٠٣، ونقله الشوكاني في نيل الأوطار، ٦/ ١٨٩، طبع دار التراث، لكنه قال: والذي صحَّ لنا .. وانظر إن شئت الخصائص الكبرى، ٢/ ٢٤٧ ٢٤٨ للسيوطي، باب اختصاصه - صلى الله عليه وسلم - بإباحة النظر إلى الأجنبيات والخلوة بهن .. ويُحتمل أن تكون عجوزًا لا تُخشى الفتنة من كشف وجهها؛ لكونها ممن لا يرجون نكاحًا؛ ولو فرضنا أنها كانت شابة، ففيها من سَفع خديها ما يرجح عدم رغبة الرجال فيها، مما يجعلها في حكم القواعد من النساء. ويُحتمل - أيضًا - أن يكون جلبابها انحسر عن وجهها من غير قصد منها، فَروَى جابر ما رآه منها في تلك الحالة، يدل على ذلك أن سبعة من أجلاء الصحابة رَوَوا ذلك الحديث، ولم يَصِفْها واحد منهم بما وصفها به جابر - رضي الله عنه -، وهذا يؤكد أنه انفرد عن بقية الرواة بوصف وجهها، مما يقوي احتمال انحسار غطائه من غير قصد منها، ورؤيته إياه أثناء ذلك. كما لم يذكر أيُّ راوٍ منهم كشفًا لوجهِ أيِّ امرأة ممن حضر تلك الخُطبة رغم كثرتهن؛ لهذا قال الإمام النووي - رحمه الله - عند شرحه لرواية عبد اللَّه بن عباس - رضي الله عنهما -: «لا يَدري حينئذٍ من هي»، معناه: لكثرة النساء، واشتمالهن ثيابهن لا يَدري من هي» [شرح النووي على صحيح مسلم، ٦/ ١٧٢]. ٤ - ويجاب عن حديث الواهبة نفسها للنبي - صلى الله عليه وسلم - بما يلي: أـ ليس في هذا الحديث حجة للقائلين بجواز كشف الوجه؛ لأنه لا يلزم من قول الراوي: «صعَّد النظر إليها» أنها كانت كاشفة الوجه. قال الحافظ ابن حجر: «فصعَّد النظر إليها وصوَّبه» وهو بتشديد العين من: «صعَّد»، والواو من «صوَّب». =