للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= فلما ثبت من هذه الدلائل أنها كانت مُحْرِمَة بيقين، ظهر منها أن كشف وجهها، وعدم أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - إياها بستره، إنما كان بسبب إحرامها.
ب - وأما قوله: « ... فقد قدَّمنا عن الحافظ نفسه أن سؤال الخثعمية للنبي - صلى الله عليه وسلم - إنما كان بعد رمي جمرة العقبة، أي بعد التحلل .. » فهي من محاولات الألباني لإثبات أنها لم تكن مُحْرمة، والذي يرجع إلى كلام الحافظ ابن حجر يجد أنه لم يجزم بذلك، بل حكاه على سبيل الاحتمال في الجزء الرابع في كتاب جزاء الصيد من فتح الباري حيث قال: «ويُحتمل أن يكون سؤال الخثعمية وقع بعد رمي جمرة العقبة» [فتح الباري، ٤/ ٦٧].
لكنه عَدَلَ عن هذا الاحتمال بما جَزَم به في الجزء الحادي عشر في: «كتاب الاستئذان» من فتح الباري، ١١/ ١٠: أنها كانت مُحْرِمَة كما تقدم.
ج - وأما قوله: « .. ثم هَبْ أنها كانت مُحْرِمَة، فإن ذلك لا يخدج في استدلال ابن بطال المذكور البتة، ذلك لأن المُحْرِمَة تشترك مع غير المحرمة في جواز ستر وجهها بالسَّدل عليه ... » فإنه غير مُسلَّم به، لثبوت الأدلة المتعددة على وجوب الستر لغير المحرمة، كما تقدم ذكرها.
وبهذا الإيضاح تتداعى كافة الشبهات التي يتعلق بها مجيزو كشف الوجه استنادًا على هذا الحديث الذي لا ينهض حجة لدعواهم.
أما الذين يُصِرُّون على أن سؤال الخثعمية إنما وقع بعد رمي جمرة العقبة أي بعد التحلل، ولا تقنعهم كافة الحجج بأن إحرامها كان سببًا في كشف وجهها، فنقول لهم: لو سلَّمنا لكم - جدلًا - بما تقولون، فلا ضير عليها في ذلك؛ لأن أباها كان يعرضها على رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - رجاء أن يتزوجها.
ومما يدل على ذلك، ما رواه الفضل بن عباس - رضي الله عنهما -، قال: «كنتُ رِدْفَ النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأعرابي معه بنت له حسناء، فجعل الأعرابي يعرضها لرسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - رجاءَ أن يتزوجها، وجعلتُ ألتفتُ إليها، ويأخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - عنقه فيَلْويه، فكان يلبي حتى رمى جمرة العقبة» [رواه أبو يعلى، برقم ٦٧٣١، بإسناد قوي، كما في: فتح الباري، ٤/ ٦٨، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد، ٤/ ٢٧٧: «رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح».
وبهذا البيان يتضح لكل منصف أنه لا حجة بهذا الحديث للقائلين بكشف الوجه، سواء كانت المرأة الخثعمية الكاشفة عن وجهها مُحْرِمَة أم لا؛ لأنها إذا كانت مُحْرِمَة فكشفها عن وجهها بسبب إحرامها، وإن كانت حلالًا فكشفُ وجهها لعرضِ أبيها إياها على =

<<  <   >  >>