- - وأما ابن المديني: فهو شيخ البخاري، وقد أقرّ له بالعلم والتمكن البالغ، وقال فيه: «ما استصغرتُ نفسي عند أحد إلا عند علي بن المديني، وكان أعلم أهل عصره، وقال النسائي: كأنَّ اللَّه - عز وجل - خلق عَلِيَّ بنَ المديني لهذا الشأن». [انظر: تهذيب التهذيب، ٧/ ٣٥١، و٣٥٢]. أما توثيقُ ابنِ عَدِيٍّ لسعيد بن بشير بعض التوثيق، فلا يُلتَفتُ إليه في مقابل جرح جمهور جهابذة النقد له، فالحديث - عدا عن إرساله - ضعيف لا يسوغ الاستدلال به في هذا المقام. والذين ضعَّفوا سعيد بن بشير - وهم جمهور النَّقَدة - قد بيَّنوا سبب الجرح، فصار قولُهم المقدَّمَ فضلًا عن أنهم الجمهور، وقد قال السيوطي في شرح التقريب: «إذا اجتمع فيه - أي الراوي - جرحٌ مفسَّر، وتعديل، فالجرح مقدَّمٌ ولو زاد عدد المُعَدِّل، هذا هو الأصح عند الفقهاء والأصوليين، ونقله الخطيب عن جمهور العلماء؛ لأنَّ مع الجارح زيادةَ علم لم يطَّلعْ عليها المعدِّل، ولأنه مصدِّقٌ للمعدِّل فيما أخبر به عن ظاهر حاله، إلا أنه يخبر عن أمرٍ باطن خفي عنه» [تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي، ١/ ٣٠٩]. (ج) وفي حديث عائشة السابق عنعنة بعض المدلسين، مثل: الوليد بن مسلم، وقَتادة بن دِعامة السَّدوسي، وليس في روايتهما تصريح بالسماع. والصحيح في المدلِّس - كما قال ابن الصلاح - التفصيل: فإن صَرَّحَ بالسماع قُبل، وإن لم يُصرّح بالسماع فحُكمُهُ حكمُ المرسل. قال الزين: وإلى هذا ذهب الأكثرون» [انظر: تنقيح الأنظار المطبوع مع توضيح الأفكار، ١/ ٣٥٢ - - ٣٥٣. * أما الوليد بن مُسْلم، فقد قال الحافظ ابن حجر في ترجمته: «ثقة، لكنه كثير التدليس والتسوية» [تقريب التهذيب، ٢/ ٢٣٦. أما «تدليس التسوية»: فهو أن يسقط الراوي من =