للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فرضنا جدلًا ثبوت حديث عائشة - رحمه الله - الذي يبيح كشفهما؛ وافترضنا أيضا تكافؤ الدليلين من حيث الثبوت؛ وعلمنا أن الأصل في الدليل الشرعي الإعمال لا الإهمال؛ وأن الواجبَ - عند التعارض - أن لا يصار إلى ترجيح أحد الدليلين إلا عند تعذر الجمع بينهما؛ لأن إعمال الدليلين معاً أولى من إلغاء أحدهما؛ إذن يتعين محاولة الجمع بينهما، وهذا ما فعله فريق من العلماء:

قال ابن رسلان في حديث عائشة - رحمه الله -: «والحديث مقيد بالحاجة إلى رؤية الوجه والكفين كالخطبة ونحوها (١)،

ويدل على تقييده بالحاجة اتفاق المسلمين على منع النساء أن يخرجن سافرات الوجوه، لا سيما عند كثرة الفساق» (٢).

وقال الشيخ صالح بن إبراهيم البليهي: «لو ثبت أن حديث عائشة صحيح - مع العلم بأنه لم يثبت - فحينئذٍ كشف المرأة وجهها لرجل أجنبي مقيد ذلك بالحاجة، والضرورة، لا مطلقا» (٣).

ومقصودهم - واللَّه أعلم - أن المرأة إذا بلغت لم يحلَّ أن يظهر من بدنها شيء؛ لأنها كلها عورة، إلا أن تحتاج، أو تضطر لكشف


(١) ومثلها: النظر للمداواة، وللشهادة لها أو عليها، والنظر للمعاملة من بيع أو رهن أو إجارة، أو تعليم، ويشترط لجواز ذلك فقْدُ جنس، ومحرم صالح، وتعذره من وراء حجاب، ووجود مانع خلوة، ويشترط في النظر للتزويج أن يكون بعد العزم على التزوج، ورجاء الإجابة.
(٢) نقله عنه الشوكاني في نيل الأوطار، ٦/ ١٣.
(٣) يا فتاة الإسلام، ص ٢٥٨ بهذا السياق.

<<  <   >  >>