للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اكتحلت»، وفي رواية الأسود: «فتطيبت وتعطرت» (١).

ويتضح من هذا أن إظهار زينتها إنما كان للخُطَّاب، وعليه ينبغي حمل هذه الروايات، وقد سبق ذكر جملة من النصوص في الترخيص في نظر الخاطب إلى المخطوبة بإذنها، أو بغير إذنها، فَعَلِمَ أبو السنابل بخضابها واكتحالها، وقال لها: «ما لي أراك تجملت للخطاب»، وكان قد نظر إليها مريداً خطبتها لكنها أبت أن تنكحه، جاء في رواية البخاري أنه كان ممن خطبها، فأبت أن تنكحه، فقال لها ما قال، ولذا قال - صلى الله عليه وسلم -: «كذب (٢) أبو السنابل» رواه أحمد، وفي رواية الموطأ: فخطبها رجلان أحدهما شاب، وكهل، فحطت إلى الشاب، فقال الكهل: «لم تحلي»، وكان أهلها غَيَبًا فرجا أن يؤثروه بها» (٣).


(١) فتح الباري، ٩/ ٤٧٥.
(٢) وقد يراد بالكذب الخطأ في الفتوى، وهو في كلام أهل الحجاز كثير، أو يراد به ظاهره من جهة أنه كان عالمَاً بالقصة وأفتى بخلافه، وهذا بعيد، قال الحافظ: «وفيه أن المفتي إذا كان له ميل إلى الشيء لا ينبغي له أن يفتي فيه لئلا يحمله الميلُ إليه على ترجيح ما هو مرجوح كما وقع لأبي السنابل حيث أفتى سبيعة أنها لا تحل بالوضع لكونه كان خطبها فمنعته، ورجا إذا قبلت ذلك منه وانتظرت مُضي المدة حضر أهلها فرغبوها في زواجه دون غيره». فتح الباري، ٩/ ٤٧٥.
(٣) أحمد، ٧/ ٣٠٥، برقم ٤٢٧٣، ومسند الشافعي، ص ٢٤٤، والبيهقي، ٧/ ٤٢٩، وسعيد بن منصور، ١/ ٣٥٠، وأما رواية الموطأ، ٤/ ٨٤٩، في الطلاق، باب عدة المتوفى عنها زوجها إذا كانت حاملًا، والنسائي في الكبرى، برقم ٥٦٧٢، وأحمد، ٤٤/ ٣٠٦، برقم ٢٦٧١٥. ومعنى: (حطّت إلى الشاب): مالت إليه، ونزلت بقلبها نحوه. و (غَيَبًا) بفتح الياء جمع غائب» جامع الأصول، ٨/ ١٠٨.

<<  <   >  >>