فقلنا: يا رسول الله! نبايعك؟ قال:(فذكر الحديث). قال: فقمنا إليه، فبايعناه، وأخذ بيده ابن زرارة -وهو من أصغرهم- فقال: رويداًَ يا أهل يثرب! فإنا لم نضرب أكباد الإبل إلا ونحن نعلم أنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأن إخراجه اليوم مفارقة العرب كافة، وقتل خياركم، وأن تعضكم السيوف، فإما أنتم قوم تصبرون على ذلك وأجركم على الله، وإما أنتم قوم تخافون من أنفسكم جُيَيْنة، فبينوا ذلك؛ فهو عذر لكم عند الله. قالوا: أمط عنا يا سعد! فوالله لا ندع هذه البيعة أبداً، ولا نسلبها أبداً. قال: فقمنا إليه، فبايعناه، فأخذ علينا وشرط، ويعطينا على ذلك الجنة" (١).
وتمت البيعة، وبايع الأنصار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الطاعة والنصرة والحرب لذلك سماها عبادة بن الصامت - رضي الله عنه -: بيعة الحرب، وممن حضر هذه البيعة كعب بن مالك الأنصاري - رضي الله عنه - وهو أحد المبايعين في بيعة العقبة الثانية يخبرنا عما حدث في هذه الييعة.
عن كعب بن مالك - رضي الله عنه - قال: "خرجنا في حجاج قومنا من المشركين .. ، وواعدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العقبة من أوسط أيام التشريق .. وكنا نكتم من معنا من المشركين أمرنا .. فقمنا تلك الليلة مع قومنا في رحالنا، حتى إذا مضى ثلث الليل، خرجنا من رحالنا لميعاد رسول الله، نتسلل تسلل القطا مستخفين حتى اجتمعنا في الشعب عند العقبة، ونحن ثلاثة وسبعون رجلاً ومعنا امرأتان من نسائنا .. فاجتمعنا في الشعب ننتظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حتى
(١) صحيح، أخرجه أحمد (٣/ ٣٢٢ - ٣٢٣) وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" (٧/ ٢٦٣)، إسناده جيد، وقال الألباني في "الصحيحة" (٦٣)، إسناده صحيح على شرط مسلم.