للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جاءنا ومعه العباس بن عبد المطلب -وهو يومئذ على دين قومه، إلا أنه أحب أن يحضر أمر ابن أخيه ويتوثق له- فلما جلس كان أول متكلم العباس بن عبد المطلب فقال: يا معشر الخزرج! إن محمداً منا حيث قد علمتم، وقد منعناه من قومنا ممن هو على مثل رأينا فيه، فهو في عز من قومه ومنعه في بلده، وإنه قد أبى إلا الانحياز إليكم واللحوق بكم، فإن كنتم ترون أنكم مسلموه وخاذلوه بعد الخروج به إليكم فمن الآن فدعوه ..

قال: فقلنا له: قد سمعنا ما قلت. فتكلم يا رسول الله، فخذ لنفسك ولربك ما أحببت.

قال: فتكلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتلا القرآن، ودعا إلى الله ورغب في الإِسلام ثم قال: "أبايعكم على أن تمنعوني مما تمنعون منه نساءكم وأبناءكم".

قال كعب: فأخذ البراء بن معرور بيده ثم قال: نعم والذي بعثك بالحق، لنمنعنك مما نمنع منه أزرنا فبايعنا يا رسول الله، فنحن والله أهل الحرب، وأهل الحلقة، ورثناها كابراً عن كابر".

فقاطعه أبوالهيثم بن التيهان متسائلاً: "يا رسول الله إن بيننا وبين القوم حبالاً وإنا قاطعوها (يعني اليهود) فهل عسيت إن نحن فعلنا ذلك، ثم أظهرك الله أن ترجع إلى قومك وتدعنا؟

فتبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال: "بل الدم بالدم، والهدم بالهدم، أنا منكم وأنتم مني، أحارب من حاربتم، وأسالم من سالمتم"

ثم قال: أخرجوا إلى منكم اثني عشر نقيباً ليكونوا على قومهم بما فيهم

فأخرجوا منهم اثني عشر نقيباً، تسعة من الخزرج، وثلاثة من الأوس .. وقد طلب الرسول - صلى الله عليه وسلم - منهم الانصراف إلى رحالهم فقال رجلٌ منهم: والذي بَعَثَك بالحق لئن شئتَ لنميلن عن أهل منى غداً بأسيافنا؟