للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لم نؤمر بذلك، ولكن ارجعوا إلى رحالكم" فرجعوا إلى رحالهم، وفي الصباح جاءهم جمع من كبار قريش يسألونهم عما بلغهم من بيعتهم للنبي - صلى الله عليه وسلم -، ودعوتهم له للهجرة فحلف المشركون من الخزرج والأوس بأنهم لم يفعلوا والمسلمون ينظرون إلى بعضهم" (١).

وهكذا مرت البيعة بسلام، وعاد الأنصار إلى المدينة ينتظرون هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - إليهم بتلهف كبير.

عباد الله! أما الدروس والعظات والعبر التي تؤخذ من بيعة العقبة الأولى والثانية:

أولاً: النصر مع الصبر، كما أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "واعلم أن النصر مع الصبر"، فإن صبرنا نصرنا الله، فرسولنا - صلى الله عليه وسلم - والمسلمون معه في مكة صبروا على إيذاء قريش، وصبروا على ما لاقوا من أعداء الدين ابتغاء مرضات الله فجعل الله لهم مخرجاً، ونصرهم الله بالأنصار، فبعد أن أغلق أهل مكة قلوبهم عن الدين فتح الله قلوب أهل المدينة لهذا الدين، وبعد أن أبى أهل مكة أن يبقوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليدع لهذا الدين فقد فتح الله -تبارك وتعالى- المدينة على مصراعيها لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، الذي يحمل هذا الدين.

فمهما ضيق الكفار على المسلمين، فوالله الذي لا إله إلا هو فإن الله تبارك وتعالى سيجعل للمؤمنين مخرجاً، إن هم عادوا إلى الله وصدقوا مع


(١) رواه أحمد في "المسند" (٣/ ٤٦٠ - ٤٦٣). وقال الألباني في تحقيقه "فقه السيرة": "وهذا سند صحيح".