للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمَاكِرِينَ (٣٠)} [الأنفال: ٣٠] (١).

عباد الله! لما أجمع كفار مكة على قتله - صلى الله عليه وسلم -، أوحى الله -تبارك وتعالى- إليه بالإذن في الهجرة، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من بيته إلى بيت أبي بكر - رضي الله عنه - ليخبره بذلك.

تعالوا بنا لنستمع إلى عائشة -رضي الله عنها- وهي تخبرنا الخبر، قالت عائشة -رضي الله عنها-: "بينما نحن يوماً جلوس في بيت أبي بكر في نحو الظهيرة، قال قائل لأبي بكر: هذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - متقنعاً- في ساعة لم يكن يأتينا فيها- فقال أبو بكر: فداءً له أبي وأمي، والله ما جاء به في هذه الساعة إلا أمر، قالت: فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاستأذن فأذن له، فدخل فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي بكر: أخْرِجْ مَنْ عِندَك.

فقال أبو بكر: إنما هم أهلك، بأبي أنت يا رسول الله.

قال - صلى الله عليه وسلم -: فإني قد أذن لي في الخروج.

فقال أبو بكر: الصحابة بأبي أنت يا رسول الله؟

قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "نعم". قال أبو بكر: فخذ- بأبي أنت يا رسول الله- إحدى راحلتي هاتين قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "بالثمن قالت عائشة: فجهزناهما أحسن الجهاز، وصنعنا لهما سفرة في جراب، فقطعت أسماء بنت أبي بكر قطعة من نطاقها فربطت به على فم الجراب فبذلك سميت ذات النطاق" (٢).

إخوة الإِسلام! وتواعدا أن يخرجا ليلاً إلى غار ثور، فيمكثا ثلاث ليال


(١) "سيرة ابن هشام" مع "الروض الأنف" (٢/ ٢٢١ - ٢٢٣).
(٢) رواه البخاري (رقم ٣٩٠٥).