للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- وهي ديار ثمود- فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - المسلمين أن لا يدخلوا مساكنهم، وأن يُسرعوا الخطى، وأن يكونوا باكين، ونهاهم عن التزود من مياههم إلا بئر الناقة.

عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: لما مرَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - بالحِجر قال: "لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم؛ أن يصيبكم ما أصابهم، إلا أن تكونوا باكين، ثم قنع رأسه - صلى الله عليه وسلم -، وأسرع السير حتى أجاز الوادي" (١).

وقال - رضي الله عنه -: "إن الناس نزلوا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -على الحجر- أرض ثمود- فاستقوا من آبارها وعجنوا به العجين، فأمرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يهريقوا ما استقوا، ويعلفوا الإبل العجين، وأمرهم أن يستقوا من البئر التي كانت تردُها الناقة" (٢).

عباد الله! وهذا منهج نبويٌ كريم، في توجيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صحابته والمسلمين إلى الاعتبار بديار ثمود، وأن يتذكروا بها غضبُ الله على الذين كذَّبوا رسوله، وأن لا يغفلوا عن مواطن العظة، ونهاهم عن الانتفاع بشيءٍ مما في ربوعها؛ حتى الماء، لكيلا تفوت بذلك العبرة، وتخف الموعظة بل أمرهم بالبكاء، وبالتباكي، تحقيقاً للتأثر بعذاب الله.

عباد الله! وصل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بجيش المسلمين إلى تبوك، وأخبر الجيش بأن ريحاً شديدة ستهُب، وأمرهم بأن يحتاطوا لأنفسهم ودوابهم، فلا يخرجوا حتى لا تؤذيهم، وليربطوا دوابهم حتى لا تُؤذى، وتحقق ما أخبر به رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، فهبت الريح الشديدة، وحملت من قام فيها إلى مكان بعيد. روى مسلم في "صحيحه" بإسناده إلى أبي حُميد قال: وانطلقنا حتى قدمنا تبوك، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: "ستهب عليكم الليلة ريحٌ شديدة فلا يقم منكم أحدٌ،


(١) متفق عليه، رواه البخاري (رقم ٤٣٣)، ومسلم (رقم ٢٩٨٠).
(٢) متفق عليه، رواه البخاري (رقم ٣٣٧٩)، ومسلم (رقم ٢٩٨١).