للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اما بعد: بلغنى ما ظهر لك من كثرة المال، ولم يكن ذلك فى رزقك، ولا كان لك مال قبل ذلك، فأنى لك ذلك؟ فو الله لو لم يهمنى فى ذات الله، الا من اختان مال الله لكثر همى. وانتشر أمرى، وقد كان عندى من المهاجرين الاولين من هو خير منك، ولكنى قلدتك هذا الامر رجاء عنائك، «١» فان كان ذاك لك، فإنا لا نؤثرك على أنفسنا، فاكتب الى: من أين لك هذا المال؟ وعجل.

فكتب عمرو: أما بعد: فقد فهمت كتاب أمير المؤمنين، فأما ما ظهر لى من مال، فانا قدمنا بلادا رخيصة الاسعار، كثيرة الغزو، فجعلنا ما أصابنا فى الفضول التى اتصلت بأمير المؤمنين، والله لو كانت جبايتك حراما ما جئتك، وقد اتهمتنى، «٢» فأقصر عنى كتابك، فان لنا أحسابا اذا رجعنا اليها أغنتنا عن العمل مع مثلك، وذكرت ان عندك من المهاجرين من هو خير منى، فان كان ذاك فو الله ما دققت لك بابا ولا فتحت لك قفلا، فكتب اليه عمر رضى الله عنه:

أما بعد: فإنى لست من تسطيرك الكتاب، وتسقيفك «٣» الكلام فى شىء، وأنتم معشر الامراء، قعدتم على عيون الاموال، ولن يعوزكم عذر، وانما تأكلون النار، وتؤثرون العار، وقد وجهت اليك محمد بن مسلمة فسلم اليه شطر ما فى يدك، فصنع عمرو لمحمد طعاما فلم يأكل منه، وقال: هذا تقدمة الشر، لو جئتنى بطعام الضيف لأكلت، فنح عنى طعامك، وأحضرنى مالك، فأحضره ماله، فجعل يأخذ شطره، فلما رأى كثرة ما صار الى محمد قال: لعن الله زمانا كنت فيه عاملا لعمر، فو الله لقد رأيت عمر وأباه، على كل واحد منهما عباءة قطوانية، «٤» لا تجاوز مآبض «٥» ركبتيه، وعلى عنقه حزمة حطب، والعاص بن

<<  <   >  >>