ابن المهدى: كنت عند الخيزران يوما وعندها الهاشميات وغيرهن، وهى على أنماط عليها وسائد أرمنية، وزينب بنت سليمان جالسة عن يمينها، اذ عرضت امرأة من آخر المجلس، عليها أطمار فقالت: يا أم الخليفة الاول والثانى، وامرأة الخليفة، أنا امرأة مروان بن محمد، قد أصار بى الدهر الى ما ترين، فغيرى من حالى، فرقت لها، وهمت لها بالخير، فقالت لها زينب بنت سليمان: لا زلت كذلك، ولا زالت هى حالك، ولا كرامة لك، اذكرى وقد قتل مروان ابراهيم الامام، وأشفقت ان يمثل به، فأتيت هذه وهى جالسة على هذا الفرش بعينه، فكلمتها تسأله فى هبة جثته لى لأواريها، فقطبت وجهها وقالت: ما للنساء وللدخول فى أمر الرجال؟ فأيست وتعرضت لمروان، فكان أوصل لرحمه، فدفعه الى وأعاننى على جهازه، فجهزته ودفنته.
[أول من ظهر لندمائه من ملوك بنى العباس المهدى]
أخبرنا أبو احمد عن الصولى عن يحيى بن على عن أبيه عن اسحاق الموصلى قال: كان المهدى فى أول أمره يحتجب على ندمائة، متشبها بالمنصور نحوا من سنة، ثم ظهر لهم لما قال سلم الخاسر:
من راقب النّاس مات غمّا ... وفاز باللّذّة الجسور «١»
فاشار اليه أبو عون أن يحتجب عنهم، فقال: اليك عنى يا جاهل! انما اللذة مع مشاهدتها، وفى أدراك الجوارح لها لذة، فأما من وراء الحجاب فما له معنى، وكان بشار قال:
من راقب النّاس لم يظفر بحاجته ... وفاز بالطّيّبات الفاتك اللهج «٢»
فلما سمع بيت سلم قال: ذهب ابن الفاعلة ببيتى، ومن هاهنا «٣» أخذ