يأمرنى ان أستصفى له الصفراء والبيضاء، «١» فقال الحكم: كتاب الله قبل كتاب معاوية، والله لو كانت السموات رتقا «٢» على عبد واتقى الله لجعل له مخرجا، ثم قال للناس: اغدوا على غنائمكم فغدوا، فعزل الخمس وقسم الباقى بينهم، فعظم فى أعين المسلمين، ولم يضره مخالفته زيادا ثم دعا يوما فقال:(اللهم إنى مللتهم وملونى فأرحنى منهم وأرحهم منى) فلم يلبث ان مرض ومات سنة خمسين.
أول من أمر الناس بالتناهد «٣» فى الغزو الربيع بن زياد
وكان أميرا على خراسان، ولاه أياها زياد سنة احدى وخمسين، فتوجه اليها فى خمسين ألفا، فجاشت الترك والهياطلة، «٤» بناحية قوهستان، «٥» فسار اليهم فكان الناس يتبارون فى النفقات، فتعظم عليهم المؤونة، فأمرهم الربيع أن يتناهدوا، فيخرج كل واحد منهم شيئا معلوما، ويولونه رجلا ثقة عليهم، فاذا نفذ أخرجوا مثله. ثم أوقع بالترك فهزمهم، ونكث أهل بلخ فغزاهم، فعادوا الى الصلح، ودخل صاحبه على رئيسهم وطالبه بالجزية ومنعه، فقال: ما هذا؟ قال: أمرنا ان نستأديكم بالصغار وهذا هو الصغار، وكان الربيع يقول: من أراد النجابة فعليه بجسام النساء وقصارهن كتائب الجماع.
وكان زياد معجبا بالربيع يقول: من يلومنى على الربيع؟ ما ناظرته فى أمر الا وجدته قد سبق اليه، ولا أتانى منه كتاب الا فى جر منفعة للناس، او دفع مضرة عنهم ولا سألته عن شىء الا وجدت علمه عنده، ولا أصابت ركبته