قال: ليأخذ كل رجل منكم قدحا وليكتب عليه اسمه ثم ليأتنى به ففعلوا، فدخل بهم على هبل وكان أعظم أصنام قريش يضربون عنده بقداحهم لحوائجهم، فقال عبد المطلب للسادن: أضرب على بنى هؤلاء بأقداحهم، ودخل الكعبة فقام يدعو الله فضرب بها عليهم فخرج القدح على عبد الله،- وكان أحب ولده إليه- وكان هو وأبو طالب لفاطمة بنت عمرو ابن عابد المخزومى، فأخذ عبد المطلب بيده وأخذ الشفرة، ثم أقبل به الى أساف ونائلة وهما وثنا قريش اللذان تنحر عندهما ذبائحهم ليذبحه، فقامت اليه قريش فقالوا: لا تذبحه أبدا حتى تعذر فيه، ولئن فعلت هذا لا يزال الرجل يأتى بابنه حتى يذبحه، فما بقاء الناس على هذا؟
ولو كان فداه أموالنا أفدينا، وانطلق الى الحجاز فان فيه عرافة فاستخرها، فانطلق حتى قدم عليها فقالت: كم الدية فيكم؟ قال: عشر من الابل، قالت: فارجع الى بلادك ثم قرب صاحبك وعشرا من الابل واضربنّ عليه وعليها بالقداح فان خرجت عليه فزده عشرا من الابل حتى يرضى ربك، فان خرجت على الابل فانحرها عنه، فقد رضى ربك، ونجى ولدك، فخرج حتى أتى مكة ثم قرب عبد الله وعشرا من الابل وضرب فخرجت القداح على عبد الله فزاد عشرا، فما زال يزيد حتى بلغت الإبل مائة فخرجت القداح على الابل، فقالت قريش: قد انتهى رضى ربك.
فقال: والله ما أنصفت ربى، خرجت على عبد الله تسع مرات فلم أذبحه، وخرجت على الابل مرة فأذبحها، لا والله حتى أضرب عليها ثلاث مرات، فضربوا فخرجت القداح على الابل فنحرت ثم تركت لا يصد عنها بائس ولا سبع، وولد رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- بعد خمس سنين من هذه القصة.