وكان ذات يوم واقفا فى جنده، فأقبل فرس من أحسن ما يكون من الخيل، عليه سرج ولجام، ولم ير أحسن منه، فتبادر القوم نحوه، فكل من قرب منه رمحه، «١» وهو فى ذلك يؤم «٢» يزدجر، فقال: دعوه فانه يريدنى، وتقدم اليه وأخذ بلجامه ومسحه، وانقاد له الفرس، فبينما هو يدور به، ويمسحه، رمحه فأصاب قلبه، فمات من وقته، فقالت الفرس:
ذلك الملك الموكل بالعدل، لما كثر من يزدجرد الجور بعثه الله اليه فقتله.
[أول من جعل للضيف صدر المجلس]
بهرام جور وهو أول من سماه مهمان، ومعناه عظيم وذكر فى مفاخرات العرب والعجم عربيا وفارسيا تفاخرا، فغلب العربى الفارسى فى كل خصلة ذكراها، حتى ذكر القرى والضيافة فقال الفارسى: لنا فى ذلك ما ليس للعرب، نحن نسمى الضيف مهمان أى عظيمنا أو كبيرنا، فنجعل أنفسنا نضافة إليه، وانتم تسمونه الضيف، فتجعلونه مضافا اليكم، فغلب الفارسى العربى فى هذه الخصلة.
[أول من وضع الخراج]
وقالوا: أول من وضع الخراج وأزال المقاسمة أنو شروان، مر بغلة يتناول منها صبى شيئا وأمه تمنعه فقال: لم تمنعينه؟ فقالت: ان فيها حقا للملك، فلا نستحلها لأنفسنا حتى نؤدى حقه فيها، فقال: قذ ضيقنا على الناس، لو أخذنا عن كل غلة شيئا معلوما، وخلينا بينها وبين صاحبها كان أمثل، فجمع وزراءه ليوافقهم على استبداء الخراج وترك المقاسمة، فقام بعض