فلا إمامك آسيت، «١» ولا للامانة أديت، كأنك لم ترد بعملك الله، وكأنك كنت تكيد «٢» الأمه عن دنياها، فلما أمكنتك الفرصة، عاجلتهم الشدة، فاختطفت ما قدرت عليه اختطاف الذئب دانية المعزى، «٣» رحيب الصدر تحملها غير متحرج عن أخذها، كأنك حزت تراثك «٤» من أبيك وأمك، واتخذت مكة دارا تشترى بها مولدات الطائف، تختارهن على دينك، تعطى فيهن مال غيرك، سبحان الله! أما تؤمن بيوم الحساب؟ او ما تخاف الميعاد؟ او ما يعظم عندك ان تشترى الاماء، وتنكح النساء، بمال اليتيم والأرملة «٥» والمسكين؟
فأقسم بالله! ما أحب ان ما أصبت كان لى حلالا أنفقه فى سبيل الله لا أحاسب به يوم القيامة، فلا غرو «٦» لأكلك له حراما، فاردد ما أخذت، فو الله لو لم تردده ثم أمكننى الله منك لأعذرن الله فيك، فلو أن حسنا أو حسينا أتيا مثل الذى أتيت، ما كان لهما عندى هوادة «٧» ولا ظفرا فيه منى برخصة، انتهى.
فكتب اليه ابن عباس: بلغنى كتابك تعظم فيه ما أخذت من المال، ولعمرى لحقى فيه أكثر مما أخذت.
فقال على- عليه السلام- العجب ممن يرى أن له من مال المسلمين أكثر مما لرجل منهم، قد أفلحت ان كان يمينك الباطل، وادعاؤك مالا يكون لك يخرجك