قال فقلت: أبعده الله وأسحقه! ثم أدركتنى الرحم فقمت الى ناقتى الزلوج فارتحلتها، ثم أخذت بزمامها حتى جئت العقبة، فسألت عندها: هل رمى أحد؟ قالوا: نعم. مر الآن ركب متنكرون فرموا ثم ولوا سراعا. فرميت ثم مضيت سريعا، حتى دخلت المسجد الحرام، فسألت أهل الطواف عنهم فقالوا: نعم طاف الآن بنو الحكم وغلمان لهم، ثم مضوا على رواحلهم، فركبت، فلا أمر على أحد الا قالوا: مروا سراعا، حتى نزلت السرج، «١» فأشير لى اليهم، أنظر الى عمائمهم، فسرت حتى أمسيت، وجاوزت بريديدعة، «٢» نظرت الى بياضهم معرسين، قال: فنزلت وعلقت الزمام الى عنق راحلتى، ثم خرجت وخرجت وراءها، وعدلت ذات الشمال عن المحجة، فاستيقظ رجل منهم فقال: من هذا؟ قلت: فحام، قال: أمض راشدا حتى اذا تواريت منهم أنخت وركبت، ووضعت السوط فى الراحلة، فجئت المدينة من الغد، حيث صليت العتمة، فأنخت عند باب المسجد الذى عند باب مروان- والقاضى أبو هريرة- فسألت عنه فقيل: انصرف، وأخذت بحلقة المسجد، وصحت بأعلى صوتى- أنا عبد الله بن جحش وقد سبقنا الحاج، وتركت الامر صالحا، لا يقولن أحد انى كنت قبله، ورددت ذلك مرارا حتى علمت أن من فى الدار قد سمع صوتى، فلما رأيت ذلك قلت أيضا:
أنا ابن جحش وهى الزّلوج ... حمراء فى حاركها دموج «٣»