وكان رطيبا يوم ذلك صخرها ... وكان حصيدا طلحها وسيالها «١»
وان ذلك انما تغير حين عصى ابن آدم فى قتله أخاه، وان الأرض لما شربت من دم المقتول عوقبت بعشر خصال: أنبت فيها الشوك، وصير فيها الفيافى «٢» . وخرق فيها البحار، وملح طعمها، وطعم أكثر مياهها، وخلق فيها الهوام والسباع، وجعلت قرار العاصين، وصير جهنم فيها، وجعل ثمرها لا يأتى إلا فى حين، وجعلت توطأ بالأقدام، ثم لم نشرب بعد دم أحد من ولده ولا غير ولده، قال عمر «٣» لأبى مريم الحنفى: وكان قتل أخاه زيدا يوم اليمامة «انى لاشد بغضا لك من الأرض للدم» فقال أبو مريم: أو يضر بى ذلك؟ قال لا: قال فلا أبالى، ويقال: ان الحية كانت مثل الجمل، وكانت تطير، فدخل فيها ابليس، فطارت به حتى أدخلته الجنة، فأغوى آدم، فسيرت ملعونة، قال عدى بن زيد:
وكانت الحيّة الرّقطاء «٤» إذ خلقت ... كما ترى ناقة فى الخلق أو جملا
قال: فعوقبت بقص جناحيها، وقطع أرجلها، واعراء جلدها، وشق لسانها، والقاء عداوة الناس عليها، ونسب الكذب والظلم اليها، فقيل:
أكذب من حية، وأظلم من حية، وكذبها ان تنطوى فى الرمل على الطريق فتصير كأنها طبق خيزران، ومنها حيات بيض تستدير فتحسب خلاخيل أو أساور، وذلك لتغرى الناس فتهلكهم، وظلمها أنها لا تمر بجحر فتدخله الا هرب صاحبه منه وخلاه، الى غير ذلك من حشو كثير وتخليط طويل عريض.