وهو أول من قال (أما بعد) أخبرنا أبو القاسم عبد الوهاب بن إبراهيم عن العقدى عن بعض رجاله قال: أوصى قس بن ساعدة ولده فذكر الله ثم قال:
(أما بعد) - وهو أول من قالها- فان المعا تكفيه البقلة، وترويه المرقة، ومن عيرك شيئا ففيه مثله، ومن ظلمك يجد من يظلمه، وإن عدلت على نفسك عدل عليك من فوقك، وإذا نهيت عن شىء فابدأ بنفسك، ولا تجمع مالا تأكل، ولا تأكل مالا تحتاج إليه، وإذا أخرت فلا يكونن كنزك الا فعلك، وكن عف العيلة، «١» مشترك الغنى، تسد قومك، ولا تشاور مشغولا وان كان حازما، ولا جائعا وإن كان فهما، ولا مذعورا وإن كان ناصحا، ولا تدع فى عنقك طوقا لا يمكنك نزعه إلا بشق نفسك، وإذا خاصمت فاعدل، وإذا قلت فأقصر، ولا تستودعنّ سرك أحدا، فانك ان فعلت ذلك لم تزل وجلا، وكان المستودع بالخيار، إن جنى عليك كنت أول ذلك، وإن وفى لك كان الممدوح دونك.
وقالوا: أول من قال (أما بعد) داود عليه السلام وهو قوله تعالى وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطابِ
«٢» أخبرنا أبو أحمد عن الصولى عن زياد ابن الخيل عن إبراهيم بن المنذر عن عمر بن عبد العزيز عن أبى الزناد عن أبيه عن بلال بن أبى بردة عن جد أبى موسى أنه قال: فصل الخطاب (أما بعد) وقال الشعبى كذلك، ومعناه أنه يفصل بين الحمد لله وغيره مما سابق البربرى: يبتدأ «٣» وبين ما يجىء بعده من القول، قال الشاعر:
باسم الذى أنزلت من عنده السّور ... والحمد لله أمّا بعد يا عمر
فإن رضيت بما يأتى وما يذر ... فكن على حذر قد ينفع الحذر