بدىء به رسول الله (صلّى الله عليه وسلم) من الوحى الرؤيا الصادقة، ثم حبب اليه الخلاء، فبينما هو فى حراء أتاه جبريل- عليه السّلام- فقال له: اقرأ قال: قلت ما أنا بقارىء، فغطنى ثم أرسلنى وقال: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ
إلى قوله تعالى عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ
«١» فرجع ترجف بوادره، «٢» فأخبر خديجة، فخرجت إلى الراهب وعداس عبد العتبة بن ربيعة كان يتعبد وإلى ورقة بن نوفل فسألتهم عن جبريل- عليه السّلام- فقالوا: وما ذكرك له ولست من أهل ذكره؟ فألحت عليهم، فقالوا: أمين الله على وحيه ورسوله إلى رسله، قالت: فان محمدا ذكر أنه أتاه، فقال: ورقة أخشى أن شيطانا تشبه له فرجعت، وقد أنزل الله تعالى ن وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ
«٣» ثم صار النبى صلّى الله عليه وسلم إلى ورقة بن نوفل وقرأ عليه الآيات، فقال:
أشهد ان هذا كلام الله، وان أدرك زمانك اتبعك، ثم احتبس الوحى، فقالت قريش: ودعه ربه وقلاه «٤» فأنزل الله تعالى وَالضُّحى وَاللَّيْلِ إِذا سَجى، ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى
«٥» فمكث سنتين، ثم أنزل الله تعالى فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ
«٦» فلما فعل اشتدت عليه قريش، ثم نزل ذكر البعث فأتاه أبى ابن خلف بعظم نخر وفته «٧» وذراه وقال: أتعدنا ان يحيى الله هذا؟ فأنزل الله تعالى أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ وَضَرَبَ لَنا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ
«٨» ثم اشتد عليه أمر قريش حتى أدخل الشعب، ثم كان من أمر الهجرة ما كان فى كلام هذا معناه.