حدّثنا أشجع السلمى، قال: قدمت الرقة وكان شخوصي اليها من البصرة فوجدت الرشيد غازيا ونالتنى خلة فخرجت حتى لقيت الرشيد منصرفا من الغزو، فلما وصلت الى الرقة- وكنت قد اتصلت ببعض أهل داره- صاح صائح بباب داره من كان من الشعراء فليحضر في يوم الخميس، فحضرنا سبعة أناثا منهم، فأمرنا بالبكور يوم الجمعة، فبكرنا وأدخلنا وقدم واحد واحد ينشد على الأسنان، وكنت أحدث القوم سنا وأرثهم حالا، فما بلغ الىّ حتى كادت الصلاة [أن] تجب، فقدمت والرشيد على كرسي وأصحاب الاعمدة سماطان بين يديه فقال لي أنشدنى فخفت أن أبتدىء من أول القصيدة بالتشبيب فتجب الصلاة [ويفوتني ما أردت فتركت التشبيب]«١» فأنشدته من موضع المدح من قصيدة أولها:
تذكر عهد البين، وهو لها ترب ... وأيام يصبي الغانيات ولا يصبو
فأنشدت المدح:
إلى ملك يستغرق المال جوده ... مكارمه نثر ومعروفه سكب
وما زال هارون الرّضى بن محمد ... له من مياه النصر مشربها العذب
متي تبلغ العيس المراسيل بابه ... بنا «٢» فهناك الرّحب والمنزل الرحب
وما بعد هارون الإمام لزائر ... يرجّى الغنى جدب ولا دونه خصب
لقد جمعت فيك الظنون ولم يكن ... لغيرك ظنّ يستريح له قلب
جمعت ذوي الأهواء حتى كأنهم ... على منهج بعد افتراقهم ركب
بثثت «٣» على الأعداء أبناء دربة ... فلم تقهم منهم حصون ولا درب
فما زلت ترميهم بهم متفرّدا ... أنيساك حزم الرأى والصّارم العضب
جهدت فلم أبلغ علاك بمدحة ... وليس على من كان مجتهدا عتب