ثم سئمته شيخا، فقال: فأنشدنا لشاعركم حميد بن ثور. فقال أشجع: والله لا ينشد الا مدحتك في مثل قافيته فأنشد الهلالي لحميد بن ثور:
لمن الديار بجانب الحمس «١» ... كمحطّ «٢» ذى الحاجات بالنفس
حتى أتى على آخرها، فاندفع أشجع وقد عمل أبياتا إلى أن فرغ من الإنشاد:
ذهبت مكارم جعفر وفعاله ... في الناس مثل مذاهب الشّمس
ملك تسوس له المعالى نفسه ... والعقل خير سياسة النفس
فاذا تراءآه الملوك تراجعوا ... جهر الكلام بمنطق همس
ساد البرامك جعفروهم الأولى ... - بعد الخليفة- سادة الأنس
ما ضرّ من قصد ابن يحيى راغبا ... بالسعد حلّ به أم النحس
فاستحسن ذلك جعفر منه، وقال صف موضعنا هذا، فقال:
قصور الصالحيّة كالغذارى ... لبسن ثيابهنّ ليوم عرس
مطلات على بطن كسته ... أيادي الماء نسجا وشي غرس
اذا ما الطّلّ أثر في ثراه ... تنفس نوره من غير نفس
تغبقه السماء بصبغ ورس ... وتصبحه كئوس غير شمس
قال جعفر: يا هلالىّ كيف ترى صاحبنا، قال أرى خاطره طوع لسانه، وبيان الناس تحت بيانه، وقد جعلت ما تصلنى به له، قال: بل نقرّك يا أعرابى ونرضيه، فأمر للأعرابى بمائة دينار، ولأشجع بضعفها.
حدّثنا أحمد بن اسماعيل، قال: حدّثنا ابن أبى فنن، قال: حدّثنى داود ابن مهلهل قال: كان أشجع ينشد جعفر بن يحيى حين خرج ليصلح أمر الشام وكان يعظ الناس في كل جمعة، فأنشده بعقب الطعام: