فوجه بخاتم فصه ياقوت سمانجونى ووجه معه بصلة، وكتب إلى «ما أعرف والله مثل هذه الصادية لأحد، وقد بخستك فى القيمة اضطرارا لا اختيارا إلى أن يستقيم الزمان إن شاء الله» وإنما آتى من الأشعار التى قلتها فى الراضى بطرف، للحاجة إلى المعنى الذى قيلت فيه، وإلا فالشعر كثير فيه. وقد أتيت فى عملى أخبار المقتدر بشىء يسير منه، إلا أننى آمل أن لا يستهجن الأدباء ما أورد منه لصلاحه وصفوته، وصعوبة قوافيه، وسلامته مع ذلك من تكلف يهجنه، وسخافة لفظ ترذله إن شاء الله.
وتمزق الأمر بين محمد بن ياقوت ومحمد بن على بن مقلة. واستبد ابن ياقوت بالأمر دونه، ولم يمض أمرا إلا بتوقيعه. ونظر فى الأموال، ورمى بأكثر أمره إلى كاتبه محمد بن أحمد القراريطى، إلى أن أظهر الوزير إطباق دواته، وترك النظر فى شىء البتة، فإذا اضطر أن يوقع فى أعمال أو ينظر فى أمر مال عرضت توقيعاته على ابن ياقوت، فما أراد أمضاءه رضيه وقع فيه بامضائه وما لم يرده لم يوقع فيه فبطل، ولم يلتفت إلى توقيع غيره. فما زال الوزير يعمل فى أمره حتى قبض عليه وأنا أذكر ذلك فى حوادث السنين إن شاء الله.
وكنا ليلة نشرب مع الراضى، فوصلنا وجىء برغيف كبير بحرف وافر قد عمل من ند فرمى به الينا. وقال انتهبوه فبدرونى، فاستلبوه دونى وسخفوا وتبذلوا حتى تكشف واحد منهم، وكل ذلك بعينه فسألته العوض فقال «صف أمرك معهم وصف الزبيدية فإنك»