بطيزنا باذ فقاتلهم أشد قتال، إلى أن خذله أصحابه وأصابته ضربات فطرح نفسه مع القتلى ثم دب ليلة الخميس إلى أن صار إلى الكوفة فاستتر. وكان من انقضاض الكواكب فى ليلة الاربعاء التى قطع على الحاج فى صبيحتها، فلم يفلت منهم أحد ما لم يعهد مثله بالكوفة وطيزنا باذ موضع الوقعة، وكان عندنا ببغداد من ذلك ما لم نر مثله ولا سمعنا به قط واستؤسر ابن حاتم، وكان قد تقدم فى قافلة الخوارزمية فقتلوا كلهم وصار إلى القرامطة ألفا جمل عليها أصناف البز والأمتعة وأفلت القراريطى من حبس الوزير وتحدث الناس أنه أطعم الموكلين طعاما فيه بنج.
وأحضر الراضى جعفر بن المكتفى فحبسه لشىء بلغه عنه ثم أخرجه الينا مرات نسائله ونخاطبه، وأرسلت إلى والدته تسألنى الكلام عنه فما بقيت غاية أنا والجلساء فى ذلك حتى أطلقه، وذلك لما أوجب الله عز وجل على من حق المكتفى، واصطناعه إياى وإحسانه إلى، وكثر الضجيج ببغداد لما نال الحاج ووثب العامة بأصحاب المعاوز فى الطرق والمساجد. ونال الراضى من ذلك أمر عظيم، وصام أياما، وكان يقول: لو كان لى مال كمال المكتفى حين فعل ذكرويه بالحاج ما فعل، فطلبه بالجيش والأموال حتى قتله لما رضيت والله إلا أن أخرج بنفسى إلى البحرين. ولكن ما حيلتى فى جند مستحثين، قد ملكوا الأمر دونى وعوز مال، وانخراق هيبة إلى الله أشتكى وبه أستنصر.
والحجرية والساجية يعيبونه كل يوم حتى يجلس لهم مرات بالليل