تفرغ من إصدار القسم الثانى المشتمل على أخبار الراضى بالله والمتقى لله.. ولم تكد النسخ الأولى منه تصل إلى أيدى العلماء حتى انثالت علىّ الرسائل، بعضها فرح مستبشر بمضيّى فى إظهار ذلك القسم وسابقه، متفائل بالنجاح فى إخراج كتاب الأوراق، وبعضها يطرى عملى فيه وعنايتى به.. ولم يكن حظى من الذين قرأوا الكتاب ولم يكتبوا إلىّ، بأقل من حظى من أولئك الأفاضل الذين قرأوا الكتاب وكتبوا إلىّ، بل كان حظى من بعضهم أوفى وأجل، فهم لم يكتبوا إلىّ فحسب، إنما ملأوا الدنيا كتابة فى الصحف وإذاعة فى المذياع» .
[مقدمة أشعار أولاد الخلفاء. صفحة أ، ب] .
أذكرك- عزيزى القارئ- بأن النصين اللذين قرأتهما للتوّهما لرجل غير عربى، تعلم العربية هناك فى مدرسة العلوم الشرقية بلندن، وقد يكون هناك- إلى جانب الدراسة- ما ساعده على إجادتها، ومع ذلك يظل هو الرجل صاحب اللسان الآخر، الذى لم يرضع العربية من ثدى الأم كما يقولون، يكتب العربية بهذا المستوى الرائع، ويضمّن نصه الأول بيتين ونصف البيت من الشعر تضمينا محكما واقعا موقعه من سياق الكلام، وأنا أحيلك على المقدمات التى صدّر بها الأجزاء الثلاثة التى نشرها من الكتاب، وهى صفحات قليلة، ولكنها تؤكد إلى أى مدى كانت العربية طيّعة لقلمه- وهو الغريب عنها، القاطن فى بلد لا يتكلمها- هذا فى الوقت الذى يتلوّى فيه أبناؤها تحت دعوى صعوبتها، ويعتذرون- أولا يعتذرون- عن الخطأ فيها، وربما جعلوا ذلك الخطأ مدعاة للفخر والتباهى بأنهم من دارسى اللغات الأجنبية، أو أنهم غير مختصين بالعربية.