ويظهر أنه كان بخفض من العنش لكثرة ما كان يغدقه عليه الخلفاء والأمراء من العطايا والصلات الفاخرة وكان أحد المؤرخين العصريين جيد الحفظ والرواية لجيد الشعر وأخبار العلماء، والمؤرخون يعتمدون عليه في تدوين أخبار الخلفاء فى عصره، وكان إلى ذلك لغويا فقيها محدثا شاعرا أديبا عالما بالقراءات والغناء وضروبه وأنواع الخطوط، وقد دون فى كتاب أدب الكتاب قواعد للاملاء وهو الى ذلك ماجن خليع كثير الايراد لأشعار المتماجنين والخليعين ومؤلفات الصولى كلها طريقة ينحو فيها منحى مؤلفى عصره، وتظهر فيها شخصيته الممتازة، وكثيرا ما يتحدث عن نفسه في كتاب الأوراق ويدون أحواله مع الخلفاء ووزرائهم وكتاب أدب الكتاب يعطى فكرة واضحة عن مقدار معرفته وثقافته الواسعة في فنون الآداب، ولو أن شيئا يعطى نصيبه من الحظوة والتقدير والمكانة لغطى كتابه هذا على كتاب ابن قتيبة أدب الكتاب الذى لا يريد من الكاتب إلا أن يملأ رأسه بجمل من الألفاظ وطائفة من أبواب اللغة وقد نقده الصولى وذكر أنه رجم بالغيب وأن نسجه كاذب مهلهل، وقال إن كتابه المستحق أن يسمى أدب الكتاب على الايجاب لا على الاستعارة، وعلى التحصيل لا على التمثيل وبالرغم من كل هذا فقد لقي كتاب ابن قتيبة من الحفاوة والاعتبار- حتى من شيوخ ابن خلدون- ما لم يلقه هذا الكتاب.
وقد تتلمذ الصولى لجماعة كبيرة من المحدثين والفقهاء والادباء والشعراء أمثال المبرد وثعلب والسجستانى يروى عنهم كما يروى عن أرسطاطاليس وجالينوس وبعض الملوك اليونانية وقد قرأ عليه كثير ممن صاروا أئمة الأدب في العهد الذى تلى عصره مثل المرزبانى صاحب كتاب الموشح، ويكاد كتابه الموشح يكون من عمل