محمد قال. كان أبان اللاحقي صديقا للمعذل بن غيلان وكانا مع صداقتهما يتعابثان بالهجاء فيهجوه المعذل بالكفر، وينسبه الى الشؤم ويهجوه أبان وينسبه الى الفساء الذي تهجى به عبد القيس وبالقصر، وكان المعذل قصيرا فسعى فى الإصلاح بينهما أبو عيينة المهلبي، فقال له أخوه عبد الله وهو أسن منه: يا أخي إن فى هذين شرا كثيرا ولابد من أن يخرجاه فدعهما ليكون شرّهما بينهما والا فرّقاه على الناس، فقال أبان يهجو المعذل:
أحاجيكم ماقوس لحم سهامها ... من الرّيح لم توصل بقدّ ولا عقب
وليست بشريان وليست بشو حط ... وليست بنبع لا وليست من الغرب
ألا تلك قوس الدحدحي معذّل ... بها صار عبديّا وتمّ له النسب
تصكّ خياشيم الأنوف تعمدا ... وإن كان راميها يريد بها العقب
فان تفتخر يوما تميم بحاجب ... وبالقوس مضمونا لكسري بها العرب
فحي ابن عمرو فاخرون بقوسه ... وأسهمه «١» حتى يغدّب من غلب
قال أبو قلابة: فقال المعذل فى جواب ذلك:
رأيت أبانا يوم فطر مصليا ... فقسّم فكري واستفزّنى الطرب
وكيف يصلى مظلم القلب دينه ... على دين مان إنّ ذاك من العجب «٢»
أخبرنا محمد بن يحيى الصولي قال: حدّثنا أبو خليفة وأبو ذكوان والحسن ابن علي النهدي قالوا: كان المعذل بن غيلان يجالس عيسى بن جعفر بن المنصور وهو يلي حينئذ إمارة البصرة من قبل الرشيد، فوهب المعذل بن غيلان له «٣» بيضة عنبروزنها أربعة أرطال، فقال أبان بن عبد الحميد: